مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٢٨
بنجاسته، ويجوز ما غسل ما لم يخرج عن الصلاحية كالطعام العتيق لانطلاق الكسوة عليه، وكونه يرد في البيع لا يؤثر في مقصودها كالعيب الذي لا يضر بالعمل في الرقيق، ويندب أن يكون الثوب جديدا خاما كان أو مقصور الآية: * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) *، ولو أعطى عشرة ثوبا طويلا لم يجزه، بخلاف ما لو قطعه قطعا قطعا ثم دفعه إليهم، قاله الماوردي، وهو محمول على قطعة تسمى كسوة، وخرج بقول المصنف عشرة مساكين ما إذا أطعم خمسة وكسا خمسة، فإنه لا يجزئ، كما لا يجزئ إعتاق نصف رقبة وإطعام خمسة. ويستثنى من إطلاقه التخيير للعبد وسيأتي كلامه، والمحجور عليه بسفه أو فلس فلا يكفر بالمال بل بالصوم كالمعسر، فإن لم يصم حتى فك عنه الحجر لم يجزه مع اليسار، ومن مات وعليه كفارة فالواجب أن يخرج من تركته أقل الخصال قيمة ومع ذلك فلا تخيير إلا إن استوت قيمتها (فإن عجز عن) كل واحد من (الثلاثة) المذكورة (لزمه صوم ثلاثة أيام) لقوله تعالى: * (فكفارته إطعام عشرة مساكين) * الآية.
تنبيه: المراد بالعجز أن لا يقدر على المال الذي يصرفه في الكفارة كمن يجد كفايته وكفاية من تلزمه مؤنته فقط ولا يجد ما يفضل عن ذلك. قالا: ومن له أن يأخذ من سهم الفقراء والمساكين من الزكاة والكفارات له أن يكفر بالصوم، لأنه فقير في الاخذ فكذا في الاعطاء، وقد يملك نصابا ولا يفي دخله بخرجه فتلزمه الزكاة وله أخذها، والفرق بين البابين أنا لو أسقطنا الزكاة خلا النصاب عنها بلا بدل، والتكفير بالمال له بدل وهو الصوم. (ولا يجب تتابعها في الأظهر) لاطلاق الآية. والثاني يجب، لأن ابن مسعود قرأ: ثلاثة أيام متتابعات والقراءة الشاذة كخبر الواحد في وجوب العمل كما أوجبنا قطع يد السارق بالقراءة الشاذة في قوله: * (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) * ولان من قاعدة الشافعي رضي الله تعالى عنه حمل المطلق على المقيد من جنسه، وهو الظهار والقتل وأجاب الأول بأن آية اليمين نسخت متتابعات تلاوة وحكما، فلا يستدل بها، بخلاف آية السرقة فإنها نسخت تلاوة لا حكما، وبأن المطلق ههنا متردد بين أصلين يجب التتابع في أحدهما، وهو كفارة الظهار والقتل، ولا يجب في الآخر، وهو قضاء رمضان فلم يكن أحد الأصلين في التتابع بأولى من الآخر، لكن قال الإمام: حمل الكفارة على الكفارة أولى من حملها على قضاء رمضان (وإن غاب ماله) إلى مسافة قصر أو دونها كما يشعر به إطلاقهم وإن نازع فيه البلقيني (انتظره ولم يصم) لأنه واجد، وإنما أبيح له الصوم إذا لم يجد. فإن قيل: المتمتع إذا أعسر بالدم بمكة يجزئه الصوم وإن كان له ببلده ماله فهلا كان هنا كذلك؟ أجيب بأن القدرة هناك اعتبرت بمكة فلا ينظر إلى غيرها والقدرة هنا اعتبرت مطلقا، ولو كان له عبد غائب تيقن حياته جاز له إعتاقه بخلاف منقطع الخبر في الأصح (ولا يكفر عبد بمال) لعدم ملكه (إلا إذا ملكه سيده طعاما أو كسوة) ليكفر بهما أو ملكه مطلقا وأذن له في التكفير (وقلنا يملك) بالتمليك على رأي مرجوح تقدم في باب العبد فإنه يكفر بذلك.
تنبيه: قوله: سيده يقتضي أن تمليك غير السيد لا أثر له، وليس مرادا، بل الخلاف فيهما سواء. وخرج بقوله:
طعاما أو كسوة ما إذا ملكه رقيقا ليعتقه عن كفارته ففعل فإنه لم يقع عنها، لامتناع الولاء للعبد، وحكم المدبر والمعتق عتقه بصفة وأم الولد حكم العبد. فإن قيل: يرد على المصنف المكاتب فإنه يكفر بالاطعام والكسوة بإذن السيد كما صححه في تصحيح التنبيه. أجيب بأن العبد إذا أطلق إنما يراد به القن، لا سيما وقد قال: وقلنا يملك والمكاتب يملك قطعا، ولو أذن السيد للمكاتب في التكفير بالاعتاق فأعتق لم يجزه على المذهب كما قالاه في باب الكتابة وإن نقلا هنا عن الصيدلاني أن ذمته تبرأ بذلك. (بل يكفر بصوم) لعجزه عن غيره ولا فرق بين كفارة اليمين والظهار في ذلك كما صرح به المرعشي وغيره (وإن ضره) الصوم لشدة حر أو طول نهار أو نحو ذلك، وكان يضعف عن العمل
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548