مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٢٣
(بالله تعالى) لأن الباء لما كانت في الأصل في القسم والواو بدل منها، والباء بدل من الواو ضاق تصرفها عن البدل والمبدل منه فلم تدخل على شئ مما يدخلان عليه سوى اسم الله تعالى. قال تعالى: * (تالله تفتؤ تذكر يوسف) * قال ابن الخشاب: إن التاء وإن ضاق تصرفها فلم تدخل إلا على اسم واحد فقد بورك لها في اختصاصها بأشرف الأسماء وأجلها فلا تدخل على غير لفظ الله - أي لغة - فلا يقال تربك. وقال ابن مالك: حكى الأخفش ترب الكعبة وهو شاذ.
وأما من جهة الشرع فإنه لو قال تالرحمن أو الرحيم انعقدت يمينه كما قاله البلقيني، وغايته أنه استعمل شاذا فإن أراد غير اليمين قبل منه وكذا لو قال بالله بالموحدة أو والله لأفعلن كذا ونوى غير اليمين كاستعنت بالله واعتصمت أو والله المستعان لم يكن يمينا.
تنبيه: كان الأولى للمصنف أن يقول: ويختص الله بالتاء لأن الشائع أن فعل الاختصاص إنما يدخل على المقصور في المشهور، وذلك في التاء لا في الله وإن جاز دخوله عليه لأنه يدخل عليه الباء والواو، وعبارته تقتضي أن الله لا يدخل عليه غير التاء وهو مدافع لكلامه السابق. (ولو) حذف الحالف حرف القسم و (قال الله) بهمزة الاستفهام أو بدونها (ورفع أو نصب أو جر) أو سكن لأفعلن كذا (فليس بيمين إلا بنية) لها، واللحن لا يمنع انعقاد اليمين على أن غير الرفع لا لحن فيه، فالنصب بنزع الخافض والجر بحذقه وإبقاء عمله. قال سيبويه: ولا يجوز حذف حرف الجر وإبقاء عمله إلا في القسم والتسكين بإجراء الوصل مجرى الوقف، وأما الرفع فيصح أيضا أن يكون ابتداء كلام.
تنبيه: أفهم كلامه أن التصريح بحرف القسم تنعقد به اليمين بلا نية، سواء أرفع أم نصب أم جر وهو كذلك والخطأ في الاعراب لا يمنع صراحة اليمين بذلك، ولو قال: فالله بالفاء أو يا لله بالياء المثناة من تحت لأفعلن كذا كان كناية وجه كونه يمينا في الثانية بحذف المنادى، وكأنه قال: يا قوم أو يا رجل ثم استأنف اليمين، ولو قال له القاضي قل والله، فقال: تالله بالمثناة أو والرحمن لم يحسب يمينا لمخالفته التحليف وقضية التعليل أنه لا يحسب يمينا فيما لو قال له:
قل تالله بالمثناة، فقال: بالله بالموحدة، أو قل: بالله، فقال: والله وهو الظاهر، ولو قال: بالله بحذف الألف بعد اللام المشددة قال المصنف: ينبغي أن لا تكون يمينا وإن نواها قال لأنها لا تكون إلا باسم الله تعالى أو صفته، والقول بأن هذا لحن ممنوع، لأن اللحن مخالفة صواب الاعراب، بل هذه كلمة أخرى، وقال ابن الصلاح: ليس هو لحنا بل لغة حكاها الزجاجي وهي شائعة فينبغي أن تكون يمينا عند الاطلاق. قال الأذرعي: ولو استحضر النووي ما قاله ابن الصلاح لما قال ما قال، وجزم في الأنوار بما نقله الرافعي عن الجويني والإمام والغزالي من أنها يمين إن نواها ويحمل حذف الألف على اللحن لأن الكلمة تجري كذلك على ألسنة العوام والخواص. وهذا أوجه من كلام ابن الصلاح خلافا لبعض المتأخرين لأن البلة تكون بمعنى الرطوبة، فلا يكون يمينا إلا بنية. (ولو قال أقسمت أو أقسم) أو آليت أو أولي (أو حلفت أو أحلف بالله) الراجع لكل الصور (لأفعلن) كذا (فيمين) قطعا (إن نواها) لاطراد العرف باستعمال ذلك في اليمين، لا سيما ذلك وقد نواه (أو أطلق) في الأصح لكثرة الاستعمال، وقد قال تعالى: * (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) * * (فيقسمان بالله) * وقيل لا يكون ذلك يمينا لأن صلاحية أقسمت للماضي وأقسم للمستقبل، وخرج بقوله بالله ما لو سكت عن ذكره فليس بيمين وإن نواه (وإن قال قصدت) بصيغة الماضي السابقة (خبرا ماضيا) أي الاخبار عن يمين ماضية (أو) أردت بصيغة المضارع السابقة (مستقبلا) أي يمينا في المستقبل (صدق باطنا) أي دين فيه قطعا حتى لا تلزمه الكفارة فيما بينه وبين الله تعالى لاحتمال ما يدعيه (وكذا ظاهرا على المذهب) لاحتمال ما نواه، وفي قول لا، وبه قطع بعضهم لظهور اللفظ في الانشاء.
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548