مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٢٢
تنبيه: قد علم بما فسر به الصفة أن المراد بالاسم جميع أسماء الله تعالى الحسنى التسعة والتسعين سواء المشتق من صفات ذاته كالسميع والبصير والعالم والقادر، والمشتق من صفات الفعل كالخالق والرازق، والفرق بين صفتي الذات والفعل أن الأولى ما استحقه في الأزل، والثانية ما استحقه فيما لا يزال دون الأزل يقال عالم في الأزل، ولا يقال رزق في الأزل إلا توسعا باعتبار ما يؤول إليه الامر. (إلا أن ينوي) أي يريد (بالعلم المعلوم) كما يقال اغفر لنا علمك فينا - أي معلومك به - (وبالقدرة المقدور) كما يقال انظر لقدرة الله - أي مقدورة - فلا يكون يمينا في المسألتين، ويكون كأنه قال:
ومعلوم الله ومقدور الله لأن اللفظ محتمل، وما جزم به من أن عظمة الله صفة هو المعروف وبني عليه بعضهم منع قولهم: سبحان من تواضع كل شئ لعظمته، قال: لأن التواضع للصفة عبادة لها ولا يعبد إلا الذات ومنع القرافي ذلك وقال: الصحيح أن عظمة الله لمجموع من الذات والصفات فالمعبود مجموعهما.
تنبيه: ظاهر كلامه تخصيص الاستثناء بهاتين الصفتين العلم والقدرة دون ما قبلهما من الصفات إذ يتخيل فيها مثل هذا الاحتمال، وهو وجه جزم به كثيرون والأصح كما في الشرحين والروضة عدم الفرق لأنه قد يقال عاينت عظمة الله وكبرياءه ويشير إلى أفعاله سبحانه وتعالى، وقد يراد بالجلال والعزة والكبرياء ظهور أثرها على المخلوقات، وبالكلام الحروف والأصوات الدالة عليه، وقد قال تعالى: * (فأجره حتى يسمع كلام الله) * وإنما يسمع الأصوات.
(ولو قال) الحالف في يمينه (وحق الله) بالجر (فيمين) إن نوى اليمين قطعا، وكذا إن أطلق في الأصح لغلبة استعماله في اليمين فنزل الاطلاق عليه قال المروزي: ومعناه وحقية الإلهية، لأن الحق ما لا يمكن جحوده فهو في الحقيقة اسم من أسماء الله تعالى. وقال غيره: حق الله هو القرآن. قال تعالى: * (وإنه لحق اليقين) * والحلف بالقرآن يمين في صورة الاطلاق فكذا ما نحن فيه (إلا أن يريد) بالحق (العبادات) التي أمر الله بها فلا يكون يمينا قطعا لأن العبادات حق لله تعالى علينا وليست صفة له تعالى، فإن رفع الحق أو نصبه فكناية لتردده بين استحقاق الطاعة والإلهية فليس بيمين إلا بنية، ولو حلف المسلم بآية منسوخة من القرآن أو بالتوراة أو الإنجيل انعقدت يمينه وتنعقد اليمين بقوله: وكتاب الله أو قرآن الله كما نقلاه عن البغوي وأقراه. قالا: وقال إبراهيم المروزي وكذا لو قال: والقرآن أو المثبت في المصحف إلا أن يريد بالقرآن الخطبة أو الصلاة وبقوله المصحف إلا أن يريد الورق أو الجلد.
فائدة: قال ابن الرفعة: يقتضي كلام المحاملي والماوردي وابن الصباغ والروياني أن الحلف بالطالب الغالب يمين صريحة لأن فيها تنبيها على استجلاب منافعه واستدفاع مضاره، قال: وسماعي من أقضى القضاة الجمال يحيى بن الحسين خليفة الحكم العزيز بمصر أن الحلف بذلك لا يشرع، وكان يذكر أنه نقله عن أئمة المذهب، ويوجهه بأن الله تعالى وإن كان طالبا غالبا فأسماؤه تعالى توقيفية ولم ترد تسميته بذلك اه. قال الدميري: وكان الجمال يحيى من صدور الشافعية نائبا عن قاضي القضاة ابن رزين قال له يوما قاضي القضاة: لو أردت عزلتك، قال: لا تطيق ذلك، قال: ولم؟
قال: كنا يوما عند الفقيه أبي طاهر فحصلت له حالة، فقال: من له حاجة يذكرها؟ فقلت: أنا أريد أن أكون نائب حكم ولا يعزلني أحد، فقال: لك ذلك. قال الخطابي: وما جرت به عادة الحكام من تغليظ الايمان وتوكيدها إذا حلفوا الرجل أن يقولوا بالله الطالب الغالب المدرك المهلك لا يجوز أن يطلق في حقه تعالى ذلك، ولو جاز أن يعد ذلك في أسمائه وصفاته لجاز في أسمائه المخزي والمضل لأنه قال: * (وإن الله مخزي الكافرين) * وقال: * (كذلك يضل الله من يشاء) * (حروف القسم) ثلاثة (باء) موحدة (وواو، وتاء) فوقانية لاشتهارها فيه شرعا وعرفا (كبالله، ووالله، وتالله) لأفعلن كذا وزاد المحاملي والشيخ أبو حامد على الثلاثة الألف نحو الله بدل الهمزة وسيأتي كناية والأصل الباء الموحدة، ثم الواو ثم التاء الفوقية كما ذكرها المصنف كذلك لابدال التاء الفوقية من الواو والواو من الباء الموحدة كما ذكره الزمخشري ولدخولها على المضمر كالمظهر تقول: حلفت بك وبه لأفعلن كذا، والواو تختص بالمظهر (وتختص التاء) الفوقية
(٣٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548