مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٠٨
غير معصومين، وله قتل الزاني المحصن والمحارب وتارك الصلاة ومن له عليه قصاص وإن لم يأذن الإمام في القتل لأن قتلهم مستحق، وإنما اعتبر إذنه في غير حال الضرورة تأدبا معه، وحال الضرورة ليس فيها رعاية أدب (لا) قتل (ذمي ومستأمن) معاهد (وصبي حربي) وحربية لحرمة قتلهم (قلت: الأصح حل قتل الصبي والمرأة الحربيين للاكل، والله أعلم) لأنهما ليسا بمعصومين، ومنع قتلهما في غير الضرورة لا لحرمتهما بل لحق الغانمين، ولهذا لا يتعلق بقتلهما الكفارة.
تنبيه: حكم مجانين أهل الحرب وأرقائهم وخناثاهم كصبيانهم. قال ابن عبد السلام: ولو وجد المضطر صبيا مع بالغ حربيين أكل البالغ وكف عن الصبي لما في أكله من إضاعة المال، ولان الكفر الحقيقي أبلغ من الكفر الحكمي، وقضيته إيجاب ذلك فلتستثن هذه الصورة من إطلاقهم جواز قتل الصبي الحربي للاكل، وكذا يقال فيما شبه بالصبي.
قال البلقيني: ومحل الإباحة إذا لم نستول على الصبي والمرأة: أي ونحوهما وإلا صاروا أرقاء معصومين لا يجوز قتلهم قطعا لحق الغانمين. (ولو وجد) مضطر (طعام غائب) ولو غير محرز ولم يجد غيره (أكل) منه إبقاء لمهجته (وغرم) بدل ما أكله من قيمة في المتقوم ومثل في المثلى لحق الغائب، سواء قدر على البدل أم كان عاجزا عنه لأن الذمم تقوم مقام الأعيان. نعم تعتبر قيمة المثلى بالمفازة كما ذكروه في الماء نبه عليه الزركشي بالنسبة للممتنع ومال الصبي والمجنون إذا كان وليهما غائبا حكمه حكم مال الغائب، وإن كان حاضرا فهو في مالهما كالكامل.
تنبيه: في وجوب الاكل والقدر المأكول الخلا ف الساق، واستثنى البلقيني ما إذا كان الغائب مضطرا يحضر عن قرب فليس له أكله. (أو) طعام (حاضر مضطر) إليه (لم يلزمه بذله) - بمعجمة - لغيره (إن لم يفضل عنه) بل هو أحق به لحديث: ابدأ بنفسك وإبقاء لمهجته. نعم إن كان غير المالك نبيا وجب على المالك بذله له وإن لم يطلبه، ويتصور هذا في زمن عيسى عليه السلام أو الخضر على القول بحياته ونبوته، ولو كان في يد مضطر ميتة كان أحق بها من مضطر آخر كسائر المباحات خلافا لما في فتاوى القاضي من أن اليد لا تثبت عليها فلا يكون أحق بها.
تنبيه: هل المراد بما يفضل عنه عن سد الرمق أو الشبع؟ الظاهر كما قال الزركشي: الأول حفظا للمهجتين ولو وجد مضطرين ومعه ما يكفي أحدهما وتساويا في الضرورة والقرابة والصلاح. قال الشيخ عز الدين: احتمل أن يتخير بينهما، واحتمل أن يقسمه عليهما اه‍. والثاني أوجه، فإن كان أحدهما أولى كوالد وقريب أو وليا لله تعالى أو إماما مقسطا، قدم الفاضل على المفضول، ولو تساويا ومعه رغيف مثلا لو أطعمه لأحدهما عاش يوما، وإن قسمه بينهما عاشا نصف يوم. قال الشيخ عز الدين: المختار قسمته بينهما، ولا يجوز التخصيص. (فإن آثر) - بالمد - على نفسه في هذه الحالة مضطرا (مسلما) معصوما (جاز) بل يسن وإن كان أولى به كما في الروضة، لقوله تعالى (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) وهو من شيم الصالحين. وخرج بالمسلم الكافر والبهيمة، وبالمعصوم مراق الدم فيجب عليه أن يقدم نفسه على هؤلاء (أو) وجد طعام حاضر (غير مضطر) له (لزمه) أي غير المضطر (إطعام مضطر) معصوم (مسلم أو ذمي) أو نحوه كمعاهد، ولو كان يحتاج إليه في ثاني الحال على الأصح للضرورة الناجزة بخلاف غير المعصوم كالحربي.
تنبيه: يجب إطعام البهيمة المحترمة وإن كانت ملكا لغير صاحب الطعام بخلاف غير المحترمة كالكلب العقور، ولو كان للانسان كلب مباح المنفعة جائع وشاة لزمه ذبح الشاة لاطعام الكلب ويحل أكلها للآدمي لأنها ذبحت للاكل ويجب على المضطر أن يستأذن مالك الطعام أو وليه في أخذه. (فإن امتنع) وهو أو وليه غير مضطر في الحال من بذله بعوض لمضطر محترم (فله) أي المضطر (قهره) على أخذه، وإن احتاج إليه المانع في المستقبل
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548