سمكة حل أكلها إلا أن تكون قد تغيرت فيحرم لأنها صارت كالقئ. (وكذا غيره) أي السمك مما ليس على صورته المشهورة كخنزير الماء وكلبه حلال (في الأصح) المنصوص لاطلاق الآية والحديث المارين، وعن أبي بكر رضي الله عنه كل دابة تموت في البحر فقد ذكاها الله لكم (وقيل لا) يحل لأنه لا يسمى سمكا، والأول يقول يسماه، وعلى الأول لا يشترط فيه الذكاة لأنه حيوان ولا يعيش إلا في الماء.
تنبيه: كلام المصنف صريح في انقسام حيوان البحر إلى سمك وغيره وهو مخالف لتصحيح الروضة وأصلها أن السمك يقع على جميعها ولهذا أولت قول المصنف منه ما هو بصورته المشهورة، وقوله وكذا غيره مما ليس على صورته المشهورة، ويشهد له قول الروضة ما ليس على صورة السمك المشهورة. (وقيل إن أكل مثله في البر) كالبقر والغنم (حل) أكله ميتا (وإلا) بأن لم يؤكل مثله في البر (فلا) يحل (ككلب وحمار) اعتبارا لما في البحر بما في البر، ولان الاسم يتناوله فأجرى عليه حكمه، فعلى هذا الوجه ما لا نظير له في البر يحل لحديث العنبر المشهور في الصحيح، أما إذا ذبح ما أكل شبهه في البر فإنه يحل جزما، ولو كان يعيش في البر والبحر لأنه حينئذ كحيوان البر، وحيوان البر يحل مذبوحا فمحل الخلاف إذا أكل ميتا كما قدرته (وما يعيش في بر وبحر كضفدع) بكسر الضاد مع فتح الدال وكسرها بخطه، ويجوز فتح الضاد مع كسر الدال وضمها مع فتح الدال، وكنيته أبو المسيح وهو من الحيوان الذي لا عظم له (وسرطان) ويسمى أيضا عقرب الماء وكنيته أبو بحر (وحية) ويطلق على الذكر والأنثى، ودخلت الهاء للوحدة لأنه واحد من جنسه كدجاجة وعقرب وترسة وهي اللجأة، وسلحفاة بضم السين وفتح اللام وبمهملة ساكنة وتمساح (حرام) للسمية في الحية والعقرب وللاستخباث في غيرهما ولان التمساح يتقوى بنابه وقضيته تحريم القرش بكسر القاف ويقال له اللخم بفتح اللام والخاء المعجمة، لكن أجاب المحب الطبري تبعا لابن الأثير في النهاية بحله وهو الظاهر وفي تحريم النسناس بكسر النون وجهان: أوجههما كما جرى عليه ابن المقري التحريم وهو على خلقة الناس قاله القاضي أبو الطيب وغيره وقال الجوهري: وهو جنس من الخلق يثب على رجل واحدة. وقال المسعودي: له عين واحدة يخرج من الماء ويتكلم ومتى ظفر بالانسان قتله يوجد في جزائر الصين ينقر كما ينقر الطير، وفي المحكم أنه سبع من أخبث السباع.
تنبيه: قد يفهم كلامه أن الحية التي لا تعيش إلا في الماء حلال لكن صرح الماوردي بتحريمها هي وغيرها من ذوات السموم البحرية. قال المصنف في مجموعه: قلت الصحيح المعتمد أن جميع ما في البحر تحل ميتته إلا الضفدع ويحمل ما ذكره الأصحاب أو بعضهم من السلحفاة والحية والنسناس على غير ما في البحر اه. ويوافقه قول الشامل بعد نقله نصوص الحل. قال أصحابنا أو بعضهم: يحل جميع ما فيه إلا الضفدع للنهي عن قتله اه. والنهي هو ما صح عن ابن عمر أنه قال: لا تقتلوا الضفادع فإن نعيقها تسبيح وقال بعض الفقهاء: إنما حرم لأنه كان جار الله في الماء الذي كان عليه العرش قبل خلق السماوات والأرض وظاهر كما قال شيخنا أنه على هذا تستثنى ذوات السموم أيضا. قال ابن قاسم: ومما عمت به البلوى أكل الدنيلس في مصر والسرطان في الشام اه. أما السرطان فقد تقدم الكلام فيه، وأما الدنيلس فعن ابن عبد السلام وعلماء عصره أنه يحل أكله وهذا هو الظاهر لأنه من طعام البحر ولا يعيش إلا فيه، وعن ابن عبد السلام أنه أفتى بتحريمه. قال الزركشي: وهو الظاهر لأنه أصل السرطان لتولده منه، وقال الدميري: لم يأت على تحريمه دليل، وما نقل عن ابن عبد السلام لم يصح، فقد نص الشافعي على أن حيوان البحر الذي لا يعيش إلا فيه يؤكل لعموم الآية والاخبار. (وحيوان البر يحل منه الانعام) وهي الإبل والبقر والغنم وإن اختلفت أنواعها لقوله تعالى * (أحلت لكم بهيمة الأنعام) * (والخيل) ولا واحد له من لفظه كقوم، وقيل مفرده خائل، لا فرق في ذلك بين العربية وغيرها لخبر الصحيحين عن جابر: نهى رسول الله (ص)