مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٩١
لقوله تعالى: * (فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير) * فجعلها على قسمين.
تنبيه: مقصود المصنف على ما دل عليه كلام الروضة: أنه يسن أن لا يزيد في الاكل ونحوه على الثلث على الجديد ولا على النصف على القديم، وليس المراد أنه يسن له أكل هذا القليل كما عبر به في البيان والروياني في الحلية، واستثنى البلقيني من أكل الثلث أو النصف تضحية الإمام من بيت المال. (والأصح وجوب التصدق ببعضها) ولو جزءا يسيرا من لحمها بحيث ينطلق عليه الاسم على الفقراء، ولو واحدا بخلاف سهم الصنف الواحد من الزكاة لا يجوز صرفه لأقل من ثلاثة لأنه يجوز هنا الاقتصار على جزء يسير لا يمكن صرفه لأكثر من واحد، ويشترط في اللحم أن يكون نيئا ليتصرف فيه من يأخذه بما شاء من بيع وغيره كما في الكفارات، فلا يكفي جعله طعاما ودعاء الفقراء إليه، لأن حقهم في تملكه لا في أكله، ولا تمليكهم له مطبوخا ولا تمليكهم غير اللحم من جلد وكرش وكبد وطحال ونحوها، ولا الهدية عن التصدق، ولا القدر التافه من اللحم كما اقتضاه كلام الماوردي، ولا كونه قديدا كما قاله البلقيني، ولو تصدق بقدر الواجب وأكل ولدها كله جاز، ولو أعطى المكاتب جاز كالحر قياسا على الزكاة، وخصه ابن العماد بغير سيده وإلا فهو كما لو صرفه إليه من زكاته، والثاني لا يجب التصدق، ويكفي في الثواب إراقة الدم بنية القربة، وعلى الأول لو أكلها غرم ما ينطلق عليه الاسم، وهل يلزمه صرفه إلى شقص أضحية أم يكفي صرفه إلى اللحم وتفرقته؟ وجهان: في الروضة أصحهما كما في المجموع الثاني، وجرى ابن المقري على الأول، وله على الوجهين تأخير الذبح وتفرقة اللحم عن الوقت، ولا يجوز له الاكل من ذلك لأنه بدل الواجب (والأفضل) التصدق (بكلها) لأنه أقر إلى التقوى وأبعد عن حظ النفس (إلا) لقمة أو لقمتين أو (لقما يتبرك بأكلها) عملا بظاهر القرآن، وللاتباع كما مر وللخروج من خلاف من أوجب الاكل، وإذا أكل البعض وتصدق بالبعض حصل له ثواب التضحية بالكل، والتصدق بالبعض كما صوبه في الروضة والمجموع.
تنبيه: لا يكره الادخار من لحم الأضحية والهدي، ويندب إذا أراد الادخار أن يكون من ثلث الاكل، وقد كان الادخار محرما فوق ثلاثة أيام. ثم أبيح بقوله (ص) لما راجعوه فيه: كنت نهيتكم عنه من أجل الدافة وقد جاء الله بالسعة فادخروا ما بدا لكم رواه مسلم. قال الرافعي: والدافة جماعة كانوا قد دخلوا المدينة قد أفحمتهم ، أي أهلكتهم السنة في البادية، وقيل: الدافة النازلة ولا يجوز نقل الأضحية من بلدها كما في نقل الزكاة، وقول الأسنوي:
قد صححوا في قسم الصدقات جواز نقل المنذورة والأضحية فرد من أفرادها مردود بأن الأضحية تمتد إليها أطماع الفقراء لأنها مؤقتة بوقت كالزكاة بخلاف النذور والكفارات لا شعور للفقراء بها حتى تمتد أطماعهم إليها. النوع الخامس الانتفاع بشئ منها، وقد شرع فيه بقوله: (ويتصدق) المضحي في أضحية تطوع (بجلدها أو ينتفع به) كما يجوز له الانتفاع بها كما مر كأن يجعله دلوا أو نعلا أو خفا لفعل الصحابة والتصدق به أفضل، أما الواجبة فيجب التصدق بجلدها كما في المجموع.
تنبيه: قصر المصنف الانتفاع على المضحي نفسه فيه إشارة إلى أنه يمتنع عليه إجارته لأنها بيع المنافع كما مر وبيعه لخبر الحاكم وصححه: من باع جلد أضحيته فلا أضحية له وإعطاؤه أجرة للجزار وهو كذلك، لكن يجوز له إعارته كما له إعارتها كما مر والقرن مثل الجلد فيما ذكر وله جز صوف عليها إن ترك إلى الذبح ضربها للضرورة وإلا فيجزئ إن كانت واجبة لانتفاع الحيوان به في دفع الأذى، وانتفاع المساكين به عند الذبح وله الانتفاع به والتصدق به أفضل من الانتفاع به كما مر في الجلد وكالصوف فيما ذكر الشعر والوبر. (وولد) الأضحية (الواجبة) المعينة ابتداء من غير نذر أو به، أو عن نذر في ذمته (يذبح) حتما كأمه ويفرق سواء ماتت أم لا وسواء أكانت حاملة عن التعيين أم حملت بعده وليس هذا من التضحية بالحامل كما توهمه بعضهم لأن الحمل قبل انفصاله لا يسمى
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548