لقوله تعالى: * (فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير) * فجعلها على قسمين.
تنبيه: مقصود المصنف على ما دل عليه كلام الروضة: أنه يسن أن لا يزيد في الاكل ونحوه على الثلث على الجديد ولا على النصف على القديم، وليس المراد أنه يسن له أكل هذا القليل كما عبر به في البيان والروياني في الحلية، واستثنى البلقيني من أكل الثلث أو النصف تضحية الإمام من بيت المال. (والأصح وجوب التصدق ببعضها) ولو جزءا يسيرا من لحمها بحيث ينطلق عليه الاسم على الفقراء، ولو واحدا بخلاف سهم الصنف الواحد من الزكاة لا يجوز صرفه لأقل من ثلاثة لأنه يجوز هنا الاقتصار على جزء يسير لا يمكن صرفه لأكثر من واحد، ويشترط في اللحم أن يكون نيئا ليتصرف فيه من يأخذه بما شاء من بيع وغيره كما في الكفارات، فلا يكفي جعله طعاما ودعاء الفقراء إليه، لأن حقهم في تملكه لا في أكله، ولا تمليكهم له مطبوخا ولا تمليكهم غير اللحم من جلد وكرش وكبد وطحال ونحوها، ولا الهدية عن التصدق، ولا القدر التافه من اللحم كما اقتضاه كلام الماوردي، ولا كونه قديدا كما قاله البلقيني، ولو تصدق بقدر الواجب وأكل ولدها كله جاز، ولو أعطى المكاتب جاز كالحر قياسا على الزكاة، وخصه ابن العماد بغير سيده وإلا فهو كما لو صرفه إليه من زكاته، والثاني لا يجب التصدق، ويكفي في الثواب إراقة الدم بنية القربة، وعلى الأول لو أكلها غرم ما ينطلق عليه الاسم، وهل يلزمه صرفه إلى شقص أضحية أم يكفي صرفه إلى اللحم وتفرقته؟ وجهان: في الروضة أصحهما كما في المجموع الثاني، وجرى ابن المقري على الأول، وله على الوجهين تأخير الذبح وتفرقة اللحم عن الوقت، ولا يجوز له الاكل من ذلك لأنه بدل الواجب (والأفضل) التصدق (بكلها) لأنه أقر إلى التقوى وأبعد عن حظ النفس (إلا) لقمة أو لقمتين أو (لقما يتبرك بأكلها) عملا بظاهر القرآن، وللاتباع كما مر وللخروج من خلاف من أوجب الاكل، وإذا أكل البعض وتصدق بالبعض حصل له ثواب التضحية بالكل، والتصدق بالبعض كما صوبه في الروضة والمجموع.
تنبيه: لا يكره الادخار من لحم الأضحية والهدي، ويندب إذا أراد الادخار أن يكون من ثلث الاكل، وقد كان الادخار محرما فوق ثلاثة أيام. ثم أبيح بقوله (ص) لما راجعوه فيه: كنت نهيتكم عنه من أجل الدافة وقد جاء الله بالسعة فادخروا ما بدا لكم رواه مسلم. قال الرافعي: والدافة جماعة كانوا قد دخلوا المدينة قد أفحمتهم ، أي أهلكتهم السنة في البادية، وقيل: الدافة النازلة ولا يجوز نقل الأضحية من بلدها كما في نقل الزكاة، وقول الأسنوي:
قد صححوا في قسم الصدقات جواز نقل المنذورة والأضحية فرد من أفرادها مردود بأن الأضحية تمتد إليها أطماع الفقراء لأنها مؤقتة بوقت كالزكاة بخلاف النذور والكفارات لا شعور للفقراء بها حتى تمتد أطماعهم إليها. النوع الخامس الانتفاع بشئ منها، وقد شرع فيه بقوله: (ويتصدق) المضحي في أضحية تطوع (بجلدها أو ينتفع به) كما يجوز له الانتفاع بها كما مر كأن يجعله دلوا أو نعلا أو خفا لفعل الصحابة والتصدق به أفضل، أما الواجبة فيجب التصدق بجلدها كما في المجموع.
تنبيه: قصر المصنف الانتفاع على المضحي نفسه فيه إشارة إلى أنه يمتنع عليه إجارته لأنها بيع المنافع كما مر وبيعه لخبر الحاكم وصححه: من باع جلد أضحيته فلا أضحية له وإعطاؤه أجرة للجزار وهو كذلك، لكن يجوز له إعارته كما له إعارتها كما مر والقرن مثل الجلد فيما ذكر وله جز صوف عليها إن ترك إلى الذبح ضربها للضرورة وإلا فيجزئ إن كانت واجبة لانتفاع الحيوان به في دفع الأذى، وانتفاع المساكين به عند الذبح وله الانتفاع به والتصدق به أفضل من الانتفاع به كما مر في الجلد وكالصوف فيما ذكر الشعر والوبر. (وولد) الأضحية (الواجبة) المعينة ابتداء من غير نذر أو به، أو عن نذر في ذمته (يذبح) حتما كأمه ويفرق سواء ماتت أم لا وسواء أكانت حاملة عن التعيين أم حملت بعده وليس هذا من التضحية بالحامل كما توهمه بعضهم لأن الحمل قبل انفصاله لا يسمى