مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٦٩
تنبيه: الاعتبار بعدم القدرة عليه حالة الإصابة، فلو رمى غير مقدور عليه فصار قبل الإصابة مقدورا عليه ثم أصاب غير المذبح حرم أو بالعكس حل كما قاله الرافعي، واحترز بقوله متوحشا عن الصيد المستأنس، فهو كالمقدور عليه في اعتبار ذبحه. (ولو تردى) أي سقط (بعير ونحوه في بئر) أو نحوها (ولم يمكن قطع حلقومه) ومريئه (فكناد) - بتشديد الدال - أي شارد في حله الرمي، وكذا بإرسال الكلب في وجه اختاره البصريون فتصير أجزاؤه كلها مذبحا، أما إذا أمكنه ذلك بأن كان موضع الذبح ظاهرا فلا تصح ذكاته إلا في حلق أولية. ولما كان مقتضى تشبيه المحرر المتردي بالناد أنه يحل إرسال الكلب عليه، وفي معناه السهم استدركه المصنف بقوله: (قلت الأصح لا يحل) المتردي (بإرسال الكلب) عليه (وصححه الروياني) وهو بغير همزة نسبة لرويان من بلاد طبرستان عبد الواحد أبو المحاسن شافعي زمانه صاحب البحر وغيره القائل: لو احترقت كتب الشافعي أمليتها من حفظي (والشاشي) فخر الاسلام محمد أبو بكر بن أحمد بن الحسين صاحب الحلية وغيرها، فإنه نقل عدم حل المتردي بما ذكر عن الروياني (والله أعلم) والفرق أن الحديد يستباح به الذبح مع القدرة بخلاف فعل الجارحة، ولو تردى بعير فوق بعير فغرز رمحا في الأول حتى نفذ منه إلى الثاني حلا وإن لم يعلم بالثاني، قاله القاضي، فإن مات الأسفل بثقل الاعلى لم يحل، ولو دخلت الطعنة إليه وشك هل مات بها أو بالثقل لم يحل كما هو قضية ما في فتاوى البغوي (ومتى تيسر لحوقه) أي الناد (بعدو أو استعانة) - بمهملة ونون بخطه - من العون، وتجوز قراءته بمعجمة ومثلثة من الغوث (بمن يستقبله) مثلا (فمقدور) أي حكمه كحيوان مقدور (عليه) لا يحل إلا بالتزكية في حلق أو لبة.
تنبيه: قوله كلامهم يفهم أنه متى أمكن وتيسر ذلك كان غير مقدور عليه، وليس مرادا، بل لا بد من تحقق العجز عنه في الحال. (ويكفي في) الحيوان (الناد والمتردي) السابقين، وفي الوحشي أيضا كما صرح به الإمام والغزالي (جرح يفضي) غالبا (إلى الزهوق) أي الموت سواء أذفف الجرح أم لا، وهذا ما نسبه الرافعي للمعظم والمصنف للأكثرين (وقيل يشترط) في الرمي بسهم جرح (مذفف) وهو المسرع للقتل، وحكى هذا الإمام عن القفال والمحققين. أما إرسال الكلب فلا يشترط فيه تذفيف جزما (وإذا أرسل) الصائد آلة صيد (سهما أو كلبا) معلما (أو طائرا) معلما (على صيد فأصابه ومات) نظرت (فإن لم يدرك فيه) أي الصائد في الصيد (حياة مستقرة أو أدركها) أي الحياة المستقرة فيه (وتعذر ذبحه بلا تقصير) من الصائد (بأن) أي كأن (سل السكين) على الصيد، أو ضاق الزمان، أو مشى له على هينته ولم يأته عدوا، أو اشتغل بتوجيهه للقبلة، أو بتحريفه وهو منكب أو بطلب المذبح، أو بتناول السكين، أو منع منه سبع (فمات قبل إمكان) منه لذبحه (أو امتنع) منه (بقوته ومات قبل القدرة) عليه (حل) في الجميع كما لو مات ولم يدرك حياته. نعم يسن ذبحه إذا وجد فيه حياة غير مستقرة.
تنبيه: قوله: فأصابه ومات لا يستقيم جعله موردا للتقسيم، فإن منها إدراكه بالحياة المستقرة، والميت لا حياة فيه، وعبارة المحرر والشرح والروضة، فأصاب ثم أدرك الصيد حيا، وللحياة المستقرة قرائن وأمارات تغلب على الظن بقاء الحياة فيدرك ذلك بالمشاهدة، ومن أماراتها الحركة الشديدة وانفجار الدم بعد قطع الحلقوم والمرئ، والأصح أن الحركة الشديدة تكفي وحدها، فإن شككنا في حصولها ولم يترجح ظن فالأصح التحريم. (وإن مات لتقصيره)
(٢٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548