مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٦٤
(وكذا) لا يرد (عبد) مسلم بالغ عاقل (و) كذا لا يرد (حر لا عشيرة له على المذهب) لأنه لا يستدل عندهم كالعبد، وقيل يردان لقوتهما بالنسبة إلى غيرهما، وقطع بعضهم بالرد في الحر، والجمهور بعدمه في العبد. أما الأمة المسلمة ولو مكاتبة ومستولدة فلا ترد قطعا.
تنبيه: لو هاجر قبل الهدنة أو بعدها عبد أو أمة، ولو مستولدة ومكاتبة ثم أسلم كل منهما عتق، لأنه إذا جاء قاهرا لسيده ملك نفسه بالقهر فيعتق، ولان الهدنة لا توجب أمان بعضهم من بعض، فبالاستيلاء على نفسه ملكها، ويعتق أيضا إذا أسلم ثم هاجر قبل الهدنة لوقوع قهره حال الإباحة، بخلاف ما لو أسلم بعدها فلا يعتق، لأن أموالهم مخطورة حينئذ فلا يملكها المسلم بالاستيلاء، ولكن لا يرد إلى سيده لأنه جاء مسلما مراغما له، والظاهر أنه يسترقه ويهيئه ولا عشيرة له تحميه بل يعتقه السيد، فإن لم يفعل باعه الإمام عليه لمسلم أو دفع قيمته من بيت المال وأعتقه عن المسلمين ولهم ولاؤه، وكالمهاجرة الهرب إلى المأمن، وإنما ذكروا هجرته لأن بها يعلم عتقه غالبا. وأما المكاتبة فتبقى مكاتبة إن لم تعتق، فإن أدت نجوم الكتابة عتقت بها وولاؤها لسيدها، وإن عجزت ورقت وقد أدت شيئا من النجوم بعد الاسلام لا قبله حسب ما أدته من قيمتها، فإن وفى بها أو زاد عليها عتقت لأنه استوفى حقه وولاؤها للمسلمين، ولا يسترجع من سيدها الزائد، وإن نقص عنها وفى من بيت المال. (ويرد من) أي حر (له عشيرة طلبته) أن يرد (إليها) لأنه (ص) رد أبا جندل على أبيه سهيل بن عمرو، كما رواه الشيخان، والمعنى فيه أنهم يذبون عنه ويحمونه.
تنبيه: هل الاعتبار في الطلب بحضور العشيرة أو واحد منهم، أو يكفي بعث رسولهم إذا غلب على الظن صدقه؟.
قال الزركشي: لم يتعرضوا له، والظاهر الثاني. قال: وإذا شرط رد من له عشيرة تحميه كان الشرط جائزا، صرح به العراقيون وغيرهم. قال البندنيجي: والضابط أن كل من لو أسلم في دار الحرب لم تجب عليه الهجرة يجوز شرط رده في عقد الهدنة. قال ابن شهبة: وهو ضابط حسن. و (لا) يجوز رده (إلى غيرها) أي عشيرته إذا طلبه ذلك الغير لأنهم يؤذونه (إلا أن يقدر المطلوب على قهر الطالب) له (والهرب منه) فيرد إليه حينئذ، وعليه حمل رد النبي (ص) أبا بصير لما جاء في طلبه رجلان فقتل أحدهما في الطريق وأفلت الآخر، رواه البخاري.
أما إذا لم يطلب أحد فلا يرد، أو لم يشترط فلا يجب الرد مطلقا (ومعنى الرد: أن يخلى بينه) أي المطلوب (وبين طالبه) عملا بقضية الشرط، ولا تبعد تسمية التخلية ردا كما في الوديعة (ولا يجبر) المطلوب (على الرجوع) إلى طالبه لأن إجبار المسلم على الإقامة بدار الحرب لا يجوز، وعلى هذا حمل رد النبي (ص) أبا بصير وأبا جندل (ولا يلزمه) أي المطلوب (الرجوع) إليه، لأن العهد لم يجر معه، ولهذا لم ينكر النبي (ص) امتناعه ولا قتله طالبه بل سره ما فعل، ولو كان واجبا لامره بالرجوع إلى مكة (وله قتل الطالب) دفعا عن نفسه ودينه لقصة أبي بصير (ولنا) هو صادق بالإمام وبآحاد المسلمين (التعريض له به) أي المطلوب بقتل طالبه، لأن عمر رضي الله عنه قال لأبي جندل حين رد إلى أبيه: اصبر أبا جندل فإنما هم المشركون، وإنما دم أحدهم كدم كلب يعرض له بقتل أبيه كما رواه البيهقي في سننه والإمام أحمد في مسنده (لا التصريح) له به فلا يجوز لأنهم في أمان. نعم لو أسلم واحد منهم بعد عقد الهدنة له أن يصرح بذلك كما يقتضيه كلامهم، لأنه لم يشترط على نفسه أمانا لهم ولا تناوله شرط الإمام، قاله الزركشي (ولو شرط) عليهم في الهدنة (أن يردوا من جاءهم مرتدا منا) رجلا كان أو امرأة حرا أو رقيقا
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548