ويتعلق بعضه باجتهاد الإمام اه. والمعتمد أنها تعزيرات وإنما لم تجز الزيادة اقتصارا على ما ورد. ثم شرع في بيان ما يثبت به شرب المسكر فقال: (ويحد بإقراره) كقوله: شربت خمرا أو شربت مما شرب منه غيري فسكر منه (أو شهادة رجلين) يشهدان بمثل ذلك (لا) بشهادة رجل وامرأتين، لأن البينة ناقصة والأصل براءة الذمة، ولا باليمين المردودة لما مر في قطع السرقة، (لا بريح خمر وسكر وقئ) لاحتمال أن يكون شرب غالطا أو مكرها، والحد يدرأ بالشبهة ولا يستوفيه القاضي بعلمه على الصحيح بناء على أنه لا يقضي بعلمه في حدود الله تعالى، نعم سيد العبد يستوفيه بعلمه لاصلاح ملكه (و) لا يشترط في الاقرار والشهادة تفصيل، بل (يكفي) الاطلاق (في إقرار) من شخص بأنه شرب خمرا (و) في (شهادة) بشرب مسكر (شرب) فلان (خمرا) ولا يحتاج أن يقول وهو مختار عالم لأن الأصل عدم الاكراه، والغالب من حال الشارب علمه بما يشربه فنزل الاقرار والشهادة عليه (وقيل يشترط) التفصيل بأن يزاد على ما ذكر في كل منهما كقول المقر: وأنا عالم مختار: وكقول الشاهد (وهو عالم به مختار) لأنه إنما يعاقب باليقين كالشهادة بالزنا، واختاره الأذرعي وفرق الأول بأن الزنا قد يطلق على ما لاح فيه كما في الحديث: العينان يزنيان بخلاف سكر المسكر.
تنبيه: سكت المصنف هنا عن حكم رجوع المقر بشرب خمر وهو على مما سبق في حد الزنا، فإن كل ما ليس من حق آدمي يقبل الرجوع فيه. (ولا يحد حال سكره) لأن المقصود منه الردع والزجر والتنكيل وذلك لا يحصل مع السكر، بل يؤخر وجوبا كما صرح به ابن الوردي في بهجته ليرتدع، فإن حد قبلها ففي الاعتداد به وجهان: أصحهما كما قاله البلقيني والأذرعي: الاعتداد به (وسوط الحدود) أو التعازير (بين قضيب) وهو الغصن (وعصا) غير معتدلة (و) بين (رطب ويابس) بأن يكون معتدل الجرم والرطوبة للاتباع ولم يصرحوا بوجوب هذا ولا بندبه، وقضية كلامهم الوجوب كما قاله الزركشي. ولما فرغ من صفة السوط بين كيفية عدد الضرب بقوله: (ويفرقه) أي السوط، أي الضرب به (على الأعضاء) فلا يجمعه في موضع واحد، لما روى البيهقي عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال للجلاد : أعط كل عضو حقه واتق الوجه والمذاكير والتفريق واجب كما بحثه الأذرعي: لأن الضرب على موضع واحد يعظم ألمه بالموالاة، وقد يؤدي إلى الهلاك. قال: ولم أر فيه نصا للأصحاب، ثم استثنى المصنف من الأعضاء قوله:
(إلا المقاتل) وهي مواضع يسرع القتل إليها بالضرب كقلب وثغرة نحر وفرج فلا يضربه عليها لما مر من قول علي:
واتق الوجه والمذاكير، وظاهر كلامهم كما قال الأذرعي: أن ذلك واجب، لأن القصد ردعه لا قتله، فلو ضربه على مقتل فمات ففي ضمانه وجهان، وقضية كلام الدارمي ترجيح نفي الضمان (و) إلا (الوجه) فلا يضربه عليه وجوبا لخبر مسلم: إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه ولأنه مجمع المحاسن فيعظم أثر شينه (قيل: و) إلا (الرأس) فلا يضربه لشرفه كالوجه، والأصح وعزاه الرافعي للأكثرين لا، والفرق أنه معظم غالبا فلا يخاف تشويهه بالضرب بخلاف الوجه.
وروى ابن أبي شيبة عن أبي بكر رضي الله تعالى عنه أنه قال للجلاد: اضرب الرأس فإن الشيطان في الرأس. وكان ينبغي أن يقول: في قول والرأس فإن القاضي أبا الطيب حكاه عن نص البويطي ورجحه، وجزم به الماوردي وابن الصباغ وصاحب التنبيه وغيرهم، وقال الروياني في التجربة: غلط من قال بخلافه.
تنبيه: لا يجوز للجلاد رفع يده بحيث يبدو بياض إبطه، ولا يخفضها خفضا شديدا، بل يتوسط بين خفض ورفع، فيرفع ذراعه لا عضده، ولا يبالي بكون المجلود رقيق الجلد يدميه الضرب الخفيف. (ولا تشد يده) أي المجلود بل تترك مطلقة يتقي بها، وإذا وضعها على موضع ضرب غيره، ولا يلقى على وجهه، ولا يربط ولا يمد كما قاله البغوي بل يجلد الرجل قائما والمرأة جالسة (ولا تجرد ثيابه) الخفيفة التي لا تمنع أثر الضرب، أما ما يمنع كالجبة المحشوة والفروة