مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٥٦
تنبيه: سكت عن شروط أخر، وهي التزام الأحكام والعلم بالتحريم، وعدم إذن المقذوف، وأن يكون غير أصل، فلا حد على حربي لعدم التزامه الأحكام، ولا جاهل بالتحريم لقرب عهده بالاسلام، أو بعده عن العلماء، ولا على من قذف غيره بإذنه كما نقله الرافعي عن الأكثرين، وإن ادعى الإمام أن الجماهير أجمعوا على حده، كما لو قال اقطع يدي فقطعها لا يجب ضمانها، ولا على أصل كما سيأتي. ويسقط أيضا حد القاذف بإقامة البينة بزنا المقذوف وبإقراره وبعفوه وباللعان في حق الزوجة (ويعزر) القاذف (المميز) من صبي، أو مجنون له نوع تمييز كما جزم به في الروضة للزجر والتأديب، فإن لم يعزر الصبي حتى بلغ سقط لأنه كان للزجر والتأديب وقد حدث سبب أقوى منه وهو التكليف كما قالاه في اللعان، وقياسه كما قال الزركشي أن يكون المجنون إذا أفاق كذلك (ولا يحد) الأصل ولو أنثى (بقذف الولد وإن سفل) كما لا يقتل به.
تنبيه: اقتصاره على نفي الحد يقتضي أنه يعزر، وهو المنصوص للايذاء. فإن قيل: قد قالوا في كتاب الشهادات: أن الأصل لا يحبس في وفاء دين فرعه مع أن الحبس تعزير. أجيب بأن حبسه للدين قد يطول زمنه فيشق عليه، بخلاف التعزير هنا فإنه قد يحصل بقيام من مجلس ونحوه وحيث ثبت فهو لحق الله تعالى لا لحق الولد، وكما لا يحد بقذف ولده لا يحد بقذف من ورثه الولد ولم يشاركه فيه غيره، كما لو قذف امرأة له منها ولد ثم ماتت، لأنه إذا لم يثبت له ابتداء لم يثبت له انتهاء كالقصاص، فإن شاركه فيه غيره كأن كان لها ولد آخر من غيره كان له الاستيفاء لأن بعض الورثة يستوفيه جميعها.
فرع: قال في الحاوي في باب اللعان: لو قال لابنه أنت ولد زنا كان قاذفا لامه. قال الدميري: وهذه مسألة حسنة ذكرها ابن الصلاح في فتاويه بحثا من قبل نفسه، وكأنه لم يطلع فيها على نقل. وزاد أنه يعزر للمشتوم. قال الشيخ عز الدين: لو قذف شخص آخر في خلوة بحيث لا يسمعه إلا الله والحفظة لم يكن كبيرة موجبة للحد لخلوه عن مفسدة الايذاء، ولا يعاقب في الآخرة إلا عقاب من كذب كذبا لا ضرورة فيه.
فائدة: اختار المصنف والغزالي أن الغيبة بالقلب إذا أدركها الملكان الحافظان كما لو تلفظ بها ويدركان ذلك بالشم، ولعل هذا فيما إذا صمم على ذلك، وإلا فما يخطر على القلب مغفور، وإذا عرف شرط حد القذف (فالحر) القاذف حده (ثمانون) جلدة لآية * (فاجلدوهم ثمانين جلدة) * إذ المراد فيها الأحرار لقوله تعالى فيها * (ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا) * لأن العبد لا تقبل شهادته وإن لم يقذف (والرقيق) القاذف والمكاتب والمدبر وأم الولد والمبعض حد كل منهم (أربعون) جلدة على النصف من الحر بالاجماع، وهذا من أمثلة تخصيص القرآن بالاجماع.
تنبيه: محل كون حده أربعين إذا قذف في حال رقه، فلو قذف وهو حر ملتزم ثم التحقيق بدار الحرب واسترق فحده ثمانون اعتبارا بحال القذف (و) شرط (المقذوف) أي الذي يحد قاذفه (الاحصان) أي كونه محصنا لقوله تعالى * (والذين يرمون المحصنات) * فقيد إيجاب الثمانين بذلك (وسبق في) كتاب (اللعان) بيان ما يحصل به الاحصان، وبيان شرط المقذوف فلا حاجة لذكره هنا (ولو شهد) في مجلس الحكم (دون أربعة) من الرجال (بزنا حدوا في الأظهر) لأن عمر رضي الله تعالى عنه حد الثلاثة الذين شهدوا على المغيرة بن شعبة بالزنا كما ذكره البخاري في صحيحه ولم يخالفه أحد، ولئلا يتخذ صورة الشهادة ذريعة إلى الوقيعة في أعراض الناس. والثاني المنع لأنهم جاءوا شاهدين لا هاتكين.
تنبيه: محل الخلاف إذا شهدوا في مجلس أما لو شهدوا والقاضي في غيره فقاذفون جزما وإن كان بلفظ الشهادة كما صرح به في الوجيز وغيره.
فرع: لو شهد الزوج بزنا زوجته كان قاذفا لها فيحد حد القذف، لأن شهادته بزنا غير مقبولة للتهمة،
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548