مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٤٩
يوم إلا مع ذي محرم ولان القصد تأديبها، والزانية إذا خرجت وحدها هتكت جلباب الحياء، والثاني تغرب وحدها لأنه سفر واجب عليها فأشبه سفر الهجرة. قال البلقيني: ونص عليه في موضعين من الام، وقال: إن النهي عن سفرها إنما هو فيما لا يلزمها (ولو) لم يخرج الزوج أو المحرم إلا (بأجرة) لزمها ذلك وهو في مالها على الأصح إذا كان لها مال لأنها مما يتم بها الواجب كأجرة الجلاد ولأنها من مؤن سفرها، فإن لم يكن لها مال فعلى بيت المال.
تنبيه: محل الخلاف إذا كان الطريق أمنا، وإلا فلا تغرب وحدها جزما، وقضية كلام المصنف أنه لا يكتفي بالنسوة الثقاة وهو كذلك مع عدم أمن الطريق، وأما مع أمنها ففيه وجهان: أظهرهما أنه يكفي قياسا على الزوج والمحرم. قال الرافعي: وربما اكتفى بعضهم بواحدة ثقة اه‍. والاكتفاء بها هو ما في الشامل وغيره. وقال ابن الرفعة:
إنه الأصح والبلقيني إنه المعتمد وصححه المصنف في مجموعه في نظيره من الحج مع أنه على التراخي فهذا أولى، وقضية كلامهم أن الرجل يغرب وحده ولو أمرد، والظاهر ما قال الأذرعي وغيره: أن الأمرد الحسن الذي يخاف عليه الفتنة يحتاج إلى محرم ونحوه (فإن امتنع) من ذكر من الخروج ولو (بأجرة لم يجبر في الأصح) كما في الحج، ولان فيه تغريب من لم يذنب ولا يأثم بامتناعه كما بحثه في المطلب، والثاني يجبر للحاجة إليه في إقامة الواجب، وعلى الأول يؤخر تغريبهما إلى أن يتيسر كما جزم به ابن الصباغ (و) حد غير الحر من (العبد) أو غيره إذا كان مكلفا (خمسون) جلدة، لقوله تعالى * (فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) * والمراد الجلد لأن الرجم قتل والقتل لا يتنصف. وروى مالك وأحمد عن علي رضي الله تعالى عنه أنه أتى بعبد وأمة زنيا فجلدهما خمسين خمسين إذ لا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى بجامع الرق، ولو عبر المصنف بمن فيه رق لعم الذكر والأنثى والمكاتب وأم الولد المبعض، واستغنى عما قدرته، وقيل إن الحد يقسط على المبعض بقدر ما فيه من الحرية والرق فيكون على حر النصف ثلاثة أرباع الجلد (ويغرب) من فيعرق (نصف سنة) لعموم الآية، ولأنه يتبعض فأشبه الجلد، وعلى التقسيط في المبعض يغرب تسعة أشهر (وفي قول) يغرب من فيه رق (سنة) لأن ما يتعلق بالطبع لا يفرق فيه بين الحر وغيره كمدة العنة والايلاء (وفي قول لا يغرب) لأن فيه تفويت حق السيد لأن الرقيق لا أهل له فلا يستوحش بالتغريب، وأجاب الأول بأنه إذا ألف موضعا شق عليه فراقه ولا يبالي بحق السيد في العقوبات كما يقطع بالسرقة ويقتل بالردة، والأشبه كما قال الزركشي: أنه يعتبر في تغريب الأمة خروج محرم معها كالحرة ومؤنة المغرب في مدة تغريبه على نفسه إن كان حرا، وعلى سيده إن كان رقيقا، وإن زادت على مؤنة الحضر.
تنبيه: لو زنى العبد المؤجر حد، وهل يغرب في الحال ويثبت للمستأجر الخيار أو يؤخر إلى مضي المدة؟ وجهان حكاهما الدارمي. قال الأذرعي: ويقرب أن يفرق بين مدة الإجارة وقصرها قال: ويشبه أن يجئ ذلك في الأجير الحر أيضا اه‍. والأوجه كما قال شيخنا إنه لا يغرب إن تعذر عمله في الغربة كما لا يحبس لغريمه إن تعذر عمله في الحبس بل أولى لأن ذلك حق آدمي وهذا حق الله تعالى بخلاف المرأة إذا توجه عليها حبس فإنها تحبس ولو فات التمتع على الزوج لأنه لا نهاية له وقضية كلامهم إنه لا فرق فيما ذكر بين العبد والمسلم والكافر وهو كذلك، وقول البلقيني لا حد على الرقيق الكافر لأنه يلتزم الأحكام بالذمة إذ لا جزية عليه فهو كالمعاهد والمعاهد لا يحد مردود لقول الأصحاب للكافر أن يحد عبده الكافر، ولان الرقيق تابع لسيده فحكمه حكمه بخلاف المعاهد، ولأنه لا يلزم من عدم لزوم الجزية عدم الحد كما في المرأة الذمية (ويثبت) الزنا بأحد أمرين (ببينة) عليه وهي أربعة شهود لآية * (واللاتي أتين الفاحشة من نسائكم) *.
تنبيه: أطلق البينة ويشترط فيها التفصيل فتذكر بمن زنى لجواز أن لا حد عليه بوطئها، والكيفية لاحتمال إرادة المباشر فيما دون الفرج، وتتعرض للحشفة أو قدرها وقت الزنا فيقولون: رأيناه أدخل ذكره أو قدر حشفته منه في فرج
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548