مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٤٦
أصحها لا تذبح، وقيل: تذبح إن كانت مأكولة، وقيل: تذبح مطلقا لظاهر الحديث، واختلفوا في علة ذلك: فقيل لاحتمال أن تأتي بولد مشوه الخلق، فعلى هذا لا تذبح إلا إذا كانت أنثى، وقد أتاها في الفرج، وقيل إن في بقائها تذكارا للفاحشة فيعير بها وهذا هو الأصح، فعلى هذا لا فرق بين الذكر والأنثى وإن كانت مأكولة وذبحت حل أكلها على الأصح، وحيث وجب الذبح والبهيمة لغير الفاعل لزمه لمالكها إن كانت مأكولة ما بين قيمتها حية ومذبوحة، وإلا لزمه جميع القيمة وقيل لا شئ لصاحبها لأن الشرع أوجب قتلها للمصلحة، وقد مر أن شرط الشبهة أن تكون قوية المدرك مسقطة للحد ليخرج أيضا شبهة من استؤجرت للزنا فلذلك قال: (ويحد في) وطئ (مستأجرة) للزنا بها لانتفاء الملك والعقد، وعقد الإجارة باطل ولا يورث شبهة مؤثرة كما لو اشترى خمرا فشربها، وعن أبي حنيفة أنه لا حد لأن الإجارة شبهة، وعورض بأنها لو كانت شبهة لثبت النسب، ولا يثبت اتفاقا. فإن قيل: لم لم يراع خلافه هنا كما مر في نكاح بلا ولي؟ أجيب بضعف مدركه هنا (و) يحد أيضا في وطئ (مبيحة) فرجها للوطئ، لأن البضع لا يباح بالإباحة. وتحد هي أيضا في المسألتين (و) في وطئ (محرم) بنسب أو إرضاع أو مصاهرة (وإن كان تزوجها) لأنه وطئ صادف محلا ليس فيه شبهة وهو مقطوع بتحريمه اه‍. فيتعلق به الحد.
تنبيه: أشار بقوله وإن كان تزوجها إلى خلاف أبي حنيفة فإنه قال: لا حد عليه لأن صورة العقد شبهة، وقال أحمد وإسحق: يقتل ويؤخذ ماله لحديث فيه صححه يحيى بن معين.
فروع: لو ادعى الجهل بتحريم الموطوءة بنسب لم يصدق لبعد الجهل بذلك. قال الأذرعي: إلا إن جهل مع ذلك النسب ولم يظهر لنا كذبه فالظاهر تصديقه، أو بتحريمها برضاع فقولان: أظهرهما كما قال الأذرعي تصديقه إن كان ممن يخفى عليه ذلك، أو بتحريمها بكونها مزوجة أو معتدة وأمكن جهله بذلك صدق بيمينه، وحدت هي دونه إن علمت تحريم ذلك، ويحد في وطئ نكاح أخت نكحها على أختها، وفي وطئ من ارتهنها، وفي وطئ مسلمة نكحها وهو كافر، ووطئ عالما بالحال وفي وطئ وثنية أو مجوسية نكحهما مسلم، ويحد في وطئ مطلقته ثلاثا وذات زوج وملاعنة ومعتدة لغيره ومرتدة، ولو زنى مكلف بمجنونة أو نائمة أو مراهقة حد، ولو مكنت مكلفة مجنونا أو مراهقا أو استدخلت ذكر نائم حدت، ولا تحد خلية حبلى لم تقر بالزنا أو ولدت ولم تقر به، لأن الحد إنما يجب ببينة أو إقرار كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وشرطه: أي إيجاب حد الزنا رجما كان أو جلدا في الفاعل أو المفعول به (التكليف) فلا حد على صبي ومجنون لارتفاع القلم عنهما، ولكن يؤدبهما وليهما بما يزجرهما. ولو زنى وعنده أنه غير بالغ فبان بالغا هل يحد أو لا؟ حكى الروياني فيه وجهين: ويظهر أنه لا حد عليه. وزاد المصنف على المحرر والشرحين والروضة قوله: (إلا السكران) فإنه يحد وهو غير مكلف وتقدم الكلام عليه في كتاب الطلاق (وعلم تحريمه) فلا حد على من جهل تحريم الزنا لقرب عهده بالاسلام أو بعده عن المسلمين لكن إنما يقبل منه بيمينه كما هو وكلام الشيخين في الدعاوى فإن نشأ بينهم وادعى الجهل لم يقبل منه.
تنبيه: أفهم كلامه أنه لو علم التحريم وجهل الحد أنه يحد وهو الصحيح في زيادة الروضة، وبقي من الشروط التزام الأحكام ليخرج الحربي والمستأمن. وأما الاختيار فعلم مما مر (وحد) الزاني (المحصن) من رجل أو امرأة (الرجم) حتى يموت بالاجماع وتظافر الاخبار فيه كرجم ماعز والغامدية، ولا يجلد مع الرجم عند جماهير العلماء. وقد مر أنه لا رجم على الموطوء في دبره، إذ لا يتصور الايلاج في دبره على وجه مباح حتى يصير به محصنا فحده كحد البكر.
والاحصان: لغة المنع، وشرعا جاء بمعنى الاسلام والبلوغ والعقل والحرية والعفة والتزويج ووطئ المكلف الحر في نكاح صحيح وهو المراد هنا كما يؤخذ من قوله (وهو) أي المحصن (مكلف) لا معنى لاشتراط التكليف في الاحصان بعد اشتراطه في مطلق وجوب الحد، وكان ينبغي أن يقول أو سكران على طريقته (حر) فالرقيق ليس بمحصن ولو مكاتبا
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548