إسلام ولا ردة ولا شئ من التصرفات وينتقل فيها ماله لورثته الحاصلين حينئذ لا لمن حدث، ولو مات له قريب لم يرثه.
(ثم) إن (جنى) شخص (آخر) عليه بعد الانتهاء لحركة مذبوح، (فالأول) متهما (قاتل) لأنه صيره إلى حالة الموت، (ويعزر الثاني) منهما لهتكه حرمة الميت كما لو قطع عضوا من ميت. (وإن جنى الثاني) منهما ( قبل الانهاء إليها) أي حركة مذبوح، (فإن ذفف) الثاني (كحز) للرقبة (بعد جرح) سابق من الأول، (فالثاني قاتل) فعليه القصاص، لأن الجرح إنما يقتل بالسراية، وحز الرقبة بقطع أثرها، ولا فرق بين أن يتوقع البرء من الجراحة السابقة أن يتيقن الهلاك بها بعد يوم أو أيام لأن له في الحال حياة مستقرة، وقد عهد عمر رضي الله تعالى عنه في هذه الحالة وعمل بعهده ووصاياه. (وعلى الأول قصاص العضو أو مال بحسب الحال) من عمد أو غيره، (وإلا) أي وإن لم يذفف الثاني أيضا كأن قطع الأول يده من الكوع والثاني من المرفق ومات المجني عليه بسراية القطعين، (فقاتلان) بطريق السراية، ولا يقال إن أثر القطع الثاني أزال أثر القطع الأول. (ولو قتل مريضا في النزع وعيشه عيش مذبوح وجب) بقتله (القصاص) لأنه قد يعيش، فإن موته غير محقق، قال الإمام: ولو انتهى المريض إلى سكرات الموت وبدت مخايله فلا يحكم له بالموت وإن كان يظن أنه في حالة المقدود، وفرقوا بأن انتهاء المريض إلى تلك الحالة غير مقطوع به، وقد يظن ذلك ثم يشفى، بخلاف المقدود ومن في معناه، ولان المريض لم يسبق فيه فعل بحال القتل وأحكامه عليه حتى يهدر الفعل الثاني.
تنبيه: قضية كلام المصنف أن المريض المذكور يصح إسلامه وردته، وليس مرادا بل ما ذكراه هنا من أنه ليس كالميت محمول على أنه ليس كالميت في الجناية وقسمة تركته وتزوج زوجاته، أما في غير ذلك من الأحوال فهو فيه كالميت بقرينة ما ذكراه في الوصية من عدم صحة وصيته وإسلامه وتوبته ونحوها. وحاصله أن من وصل إلى تلك الحالة بجناية فهو كالميت مطلقا، ومن وصل إليها بغير جناية هو كالميت بالنسبة لأقواله وكالحي بالنسبة لغيرها كما جمع به بعض المتأخرين، وهو حسن.
فصل: في أركان القصاص في النفس. وهي ثلاثة: قتل، وشرط فيه ما مر من كونه عمدا ظلما. وقتيل، وقاتل.
وفيما إذا قتل إنسانا يظنه على حال فكان بخلافه. وقد شرع في هذا القسم فقال: (قتل مسلما ظن كفره) كأن رآه يعظم آلهتهم، أو كان عليه زي الكفار (بدار الحرب) أو بصفة المحاربين بدارنا كما سيأتي، (لا قصاص) عليه جزما للعذر الظاهر، إن قتله ذمي لم يستعن به المسلمون لزمه القصاص كما قاله البلقيني، قال: وفي نص الشافعي ما يشهد له.
(وكذا لا دية في الأظهر) لأنه أسقط حرمة نفسه بمقامه في دار الحرب التي هي دار الإباحة وسواء علم في دارهم مسلما أم لا، عين شخصا أم لا. والثاني تجب الدية، لأنها تثبت مع الشبهة. أما الكفارة فتجب جزما لقوله تعالى: * (وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة) فإن من بمعنى في كما نقله الإمام الشافعي وغيره.
تنبيه لا يكفي ظن كفره، بل لا بد من ظن حرابته. أما إذا ظنه ذميا فسيأتي في كلامه أن المذهب وجوب القصاص. واحترز بقوله ظن كفره عما إذا لم يظنه، وفيه تفصيل ذكره الرافعي في الشرحين عن البغوي، وجزم به في الروضة، فقال: إن عرف مكانه وقصده فكقتله بدارنا عمدا، وإن قصد غيره فأصابه فدية مخففة على العاقلة، وإن لم يعرف مكانه ورمى سهما إلى صف الكفار في دار الحرب سواء أعلم أن في الدار مسلما أم لا؟ نظر إن لم يعين شخصا أو عين كافرا فأخطأ وأصاب مسلما فلا قود ولا دية، وكذا لو قتله في بيات أو إغارة ولم يعرفه. وإن عين شخصا فأصابه