مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١١٢
أم في صف خصمه (وإلا) بأن لم يلتحم قتال، ولا وصل سلاح أحدهما للآخر (ف‍) لوث (في حق) أهل صفه أي القتيل، لأن الظاهر أنهم قتلوه (وشهادة العدل) الواحد (لوث) لحصول الظن بصدقه. قال في المطلب: ولا بد من البيان فقد يظن ما ليس بلوث لوثا.
تنبيه: قضية كلامه اعتبار صيغة الشهادة عند حاكم بعد دعوى وليس مرادا، ففي أصل الروضة سواء تقدمت شهادته على الدعوى أم تأخرت، ذكره الرافعي بحثا وقال في لفظ الوجيز إشعار به، وقال البلقيني: إنه مقتضى كلام الشافعي والأصحاب، لكن يشترط في شهادته البيان فقد يظن ما ليس بلوث لوثا.
تنبيه: إنما تكون شهادة العدل لوثا في القتل العمد الموجب للقصاص، فإن كان في خطأ أو شبه عمد لم يكن لوثا بل يحلف معه يمينا واحدة ويستحق المال كما صرح به الماوردي وإن كان عمدا لا يوجب قصاصا كقتل المسلم الذمي فحكمه حكم قتل الخطأ في أصل المال لا في صفته (وكذا عبيد أو نساء) أي شهادتهم لوث، لأن ذلك يفيد غلبة الظن.
تنبيه: تعبيره بالجمع يخرج الاثنين وليس مرادا، فإن الذي في الشرح والروضة عن التهذيب أن شهادة عبدين أو امرأتين كشهادة الجمع، بل في الوجيز أن القياس أن قول واحد منهم لوث، وعليه مشى الحاوي الصغير، ونقله في الذخائر عن اختيار الإمام، وهو الظاهر وسواء في شهادة من ذكر جاءوا مجتمعين أو متفرقين (وقيل يشترط تفرقهم) لاحتمال التواطؤ حالة الاجتماع، والأصح المنع كما اقتضاه كلامه وصرح بتصحيحه في أصل الروضة، لأن احتمال التواطؤ كاحتمال الكذب في شهادة الواحد، وقد حكى الرافعي في شهادتهم إذا جاءوا دفعة وجهين: أشهرهما المنع، وأقواهما أنه لوث واقتصر في الروضة على الأصح بدل الأقوى، وهذا كله إذا شرطنا التعدد فإن لم نشرط فلا خلاف في أنه يكتفي بهم متفرقين ومجتمعين، هذا فيمن تقبل روايته. وأما غيره فلا بد فيه من جمع كما قال (وقول) أي أخبار (فسقة وصبيان وكفار لوث في الأصح) لأن الغالب أن اتفاق الجمع على الاخبار عن الشئ كيف كان لا يكون إلا عن حقيقة. والثاني المنع، إذ لا اعتبار بقولهم، وصححه البلقيني. والثالث خص المنع بالكفار.
تنبيه: لا فرق على الأول بين أن يخيروا مجتمعين متفرقين على الخلاف المتقدم، ويشترط في إخبارهم البيان كما مر، ومن اللوث لهج الخاص والعام بأن فلانا قتل فلانا كما نقلاه عن البغوي وأقراه، أو رئي في موضعه رجل يحرك من بعده يده كضارب بسيف، أو وجد عنده رجل سلاحه ملطخ بدم، أو على ثوبه أو بدنه أثره ما لم يكن قرينة تعارضه كأن وجد بقربه سبع أو رجل آخر مول ظهره أو غير مول كما في الأنوار، لا يكون لوثا في حقه، ومنه إخبار عدل أن فلانا قتله أحد هذين، فللولي أن يدعي عليهما، وله أن يعين أحدهما ويدعي عليه، بخلاف ما لو أخبر أن فلانا قتل أحد هذين فلا يكون لوثا لأنه لا يقع في القلب صدق ولي أحدهما. ويؤخذ من هذه العلة أنه لو كان وليهما واحدا كان لوثا، وبه صرح ابن يونس. قال ابن الرفعة: ويقوي ما قاله ما لو كانت ديتها متساوية.
قال الأسنوي: ويؤيده ما لو عجز الشهود عن تعيين الموضحة فإنه يجب الأرش، لأنه لا يختلف باختلاف محلها وقدرها، بخلاف القصاص لتعذر المماثلة، وما لو شهدا أنه قطع يد زيد ولم يعينا، وكان زيد مقطوع اليدين فإن الدية تجب لا القصاص لما مر، ولو كان مقطوع واحدة نزل على المقطوعة كما صوب المصنف الجزم به، وقول المجروح: جرحني فلان، أو قتلني، أو دمي عنده، أو نحو ذلك ليس بلوث، لأنه مدع فلا يعتمد قوله. وقد يكون بينه وبينه عداوة فيقصد إهلاكه. ثم شرع المصنف في مسقطات اللوث وهي متعددة ذكر منها ثلاثة أمور. الأول تكاذب الورثة كما ذكر ذلك بقوله: (ولو ظهر لوث) في قتيل (فقال أحد ابنيه) مثلا (قتله
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548