بطل الوصف فقط و (لم يبطل أصل الدعوى) وهو دعوى القتل (في الأظهر) لأنه قد يظن ما ليس بعمد عمدا وعكسه وحينئذ يعتمد تفسيره ويمضي حكمه. والثاني يبطل لأن في دعوى العمد اعترافا ببراءة العاقلة.
تنبيه: ظاهر كلامه على الأول عدم احتياجه إلى تجديد دعوى، لكن جزم بتجديدها ابن داود في شرح المختصر. ولما فرغ المصنف رحمه الله تعالى من شروط دعوى الدم شرع في المترتب عليها، وهي القسامة معرضا لمحلها فقال: (وتثبت القسامة) وسبق تفسيرها (في القتل) للنفس لا في غيره من جرح أو إتلاف مال كما سيأتي، ويعتبر كون القتل (بمحل) أي مكان (لوث) بالمثلثة (وهو) أي اللوث لغة القوة. ويقال الضعف، يقال لاث في كلامه:
أي تكلم بكلام ضعيف، واصطلاحا (قرينة) حالية أو مقالية (لصدق) أي تدل على صدق (المدعي) بأن يغلب على الظن صدقه، وفسر القرينة بقوله (بأن) أي كأن (وجد قتيل) أو بعضه كرأسه إذا تحقق موته (في محلة) منفصلة تلك المحلة عن بلد كبير كما في الروضة وأصلها، ولا يعرف قاتله، ولا بينة بقتله (أو) في (قرية صغيرة لأعدائه) سواء في ذلك العداوة الدينية والدنيوية إذا كانت تبعث على الانتقام بالقتل ولم يساكنهم في القرية غيرهم، لاحتمال أن الغير قتله، وهل يشترط أن لا يخالطهم غيرهم حتى لو كانت القرية على قارعة الطريق وكان يطرقها المسافرون والمجتازون فلا لوث أو لا يشترط؟ وجهان: أصحهما في الشرح والروضة الثاني، لكن المصنف في شرح مسلم حكى الأول عن الشافعي وصوبه في المهمات، وقال البلقيني: أنه المذهب المعتمد، والمراد على كلا القولين بغيرهم من لم تعلم صداقته للقتيل، ولا كونه من أهله كما قاله ابن أبي عصرون.
تنبيه: قول المصنف لأعدائه يقتضي اعتبار عدواتهم للقتيل وليس بشرط بل يكفي أن يكونوا أعداء لقبيلته.
فروع: لو انفرد أهل المحلة أو القرية بحيث لا يدخلها غيرهم لم يشترط العداوة كما صرح به الغزالي في زوائده واستظهره ابن الرفعة، والموجود بقرب القرية كمن هو فيها إذا لم يكن هناك عمارة أخرى، ولا من يقيم بالصحراء. قال الأذرعي: ويشبه اشتراط أن لا يكون هناك طريق جادة كثيرة الطارقين، ولو وجد قتيل بين قريتين أو قبيلتين ولم يعرف بينه وبين إحداهما عداوة لم نجعل قربه من إحداهما لوثا كما نقله الرافعي عن المتولي وأقره، ولو وجد بعض قتيل في محلة أعدائه وبعضه في أخرى لأعداء له آخرين فللولي أن يعين ويقسم وله أن يدعى عليهما ويقسم (أو) وجد قتيل (تفرق عنه جمع) كأن ازدحموا على بئر أو باب الكعبة ثم تفرقوا عن قتيل لقوة الظن أنهم قتلوه، ولا يشترط هنا كونهم أعداء، لكن يشترط أن يكونوا محصورين بحيث يتصور اجتماعهم على القتيل. قال: وإلا لم تسمع الدعوى ولم يقسم، فلو ادعى على عدد منهم يتصور اجتماعهم على القتيل قال الرافعي: ينبغي أن تسمع، ويمكن من القسامة، قال الأذرعي: وقد صرح الدارمي بمقتضى ما قاله الرافعي ونقله عن النص. ثم قال: وقال ابن سريج لا يقبل، لأن شرطه أن لا يخالطهم غيرهم، فإذا أبرأ البعض خالطوهم اه. وهذا إنما يأتي على ما في شرح مسلم. وأما على ما في الروضة فلا تضر المخالطة.
تنبيه: لا يشترط في اللوث والقسامة ظهور دم ولا جرح، لأن القتل يحصل بالخنق وعسر البيضة ونحوهما، فإذا ظهر أثره قام مقام الدم، فلو لم يوجد أثرا أصلا فلا قسامة على الصحيح في الروضة وأصلها وإن قال في المهمات إن المذهب المنصوص، وقول الجمهور ثبوت القسامة (ولو تقابل صفان لقتال) واقتتلوا (وانكشفوا عن قتيل) من أحدهما طري كما قاله بعض المتأخرين (فإن التحم) أي اختلط (قتال) من بعضهم لبعض أو لم يلتحم ولكن وصل سلاح أحدهما للآخر كما في الروضة وأصلها، وكان كل منهما يلزمه ضمان ما أتلفه على الآخر كما قاله الفارقي (فلوث في حق) أهل (الصف الآخر) لأن الظاهر أن أهل صفه لا يقتلونه سواء أوجد بين الصفين أم في صف نفسه