، ويقبل فيها شهادة النساء لأن الاسقاط ولادة، وإن أقر بالجناية والاسقاط وأنكر كون الاسقاط بسبب جناية نظر إن أسقطت عقب الجناية فهي المصدقة باليمين لأن الجناية سبب ظاهر، وإن أسقطت بعد مدة من وقت الجناية صدق بيمينه لأن الظاهر معه إلا أن تقوم بينة أنها لم تزل متألمة حتى أسقطت، ولا يقبل هنا إلا رجلان، وضبط المتولي المدة المتخللة بما يزول فيها ألم الجناية وأثرها غالبا، وإن اتفقا على سقوطه بجناية وقال الجاني: سقط ميتا، فالواجب الغرة وقال الوارث: بل حيا ثم مات فالواجب الدية، فعلى الوارث البينة بما يدعيه من استهلاك وغيره، ويقبل فيه شهادة النساء لأن الاستهلال لا يطلع عليه غالبا إلا النساء، ولو أقام كل بينة بما يدعيه فبينة الوارث أولى لأن معها زيادة علم.
فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته (يجب بالقتل) عمدا كان أو شبهه أو خطأ كما سيأتي (كفارة) لقوله تعالى: * (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة) * وقوله تعالى: * (فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة) *. وقوله تعالى: * (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة) * وخبر: وائلة بن الأسقع قال: أتينا النبي (ص) في صاحب لنا قد استوجب النار بالقتل. فقال: أعتقوا عنه رقبة يعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار رواه أبو داود وصححه الحاكم وغيره. وخرج بالقتل الأطراف والجروح فلا كفارة فيها لعدم وروده، ولا يشترط في وجوب الكفارة تكليف بل تجب (وإن كان القاتل صبيا أو مجنونا) لأن الكفارة من باب الضمان فتجب في مالهما فيعتق الولي عنهما من مالهما ولا يصوم عنهما بحال. فإن صام الصبي المميز أجزأه. وألحق الشيخان به المجنون في هذا، وهو محمول على أن صومه لا يبطل بطريان جنونه، وإلا لم تتصور المسألة، ولو أعتق الولي عنهما من مال نفسه، فإن كان أبا أو جدا جاز وكأنه ملكه ثم ناب عنهما في الاعتاق. وإن كان قيما أو وصيا لم يجز حتى يقبل القاضي لهما التمليك كما في الروضة وأصلها هنا عن البغوي . وقالا في باب الصداق: لو لزم الصبي الكفارة قتل لم يجز لوليه أن يعتق عنه من ماله ولا من مال نفسه لأنه يتضمن دخوله في ملكه وإعتاقه عنه. ولا يجوز إعتاق عبد الطفل. وكلام المتولي يقتضي أن المراد عتق التبرع. وعلى هذا فلا مخالفة بين كلامي الروضة كأصلها.
تنبيه: سكت المصنف كالروضة وأصلها عن حكم السفيه، وذكرا في باب الحجر أنه في كفارة اليمين لا يكفر بالعتق بل بالصوم كالعبد، وقد يوهم أن غيرها من الكفارات كذلك، لكن صرح الصيمري بوجوب كفارة القتل في ماله وهو القياس، وتجب الكفارة أيضا، ولا يشترط في وجوبها الحرية، بل تجب (و) إن كان القاتل (عبدا) كما يتعلق بقتله القصاص والضمان، لكن يكفر بالصوم لعدم ملكه (وذميا) لالتزامه الأحكام، ولا فرق بين أن يقتل مسلما، وقلنا ينتقض عهده أولا (أو ذميا) ويتصور إعتاقه عبدا مسلما في صور: منها أن يسلم في ملكه أو يرثه أو يقول لمسلم: أعتق عبدك عن كفارتي فإنه يصح على الأصح، وإن لم يتيسر له إعتاق عبد مسلم قال القاضي الحسين: لا يكفر بالصوم لأنه ليس من أهله ولا يشترط في وجوبها الخطأ بل تجب (و) إن كان القاتل (عامدا) لحديث وائلة المار أول الفصل، فإن فيه في صاحب لنا استوجب النار، ولا يستوجب النار إلا في العمد ولان الكفارة للجبر والعامد أحوج إليها، ومثله شبه العمد ولو قال المصنف: عامدا أو لا دخل شبه العمد، واختار ابن المنذر أنها لا تجب في العمد. وهو قول أبي حنيفة ومالك وإحدى الروايتين عن أحمد لأنها عقوبة لا يدخلها قياس (و) أما إذا كان (مخطئا) فبالاجماع، وللآية السابقة.
تنبيه: قضية إطلاقه أن من قتل شخصا بإذنه تجب عليه الكفارة، وهو الأصح وإن اقتضى كلامه في باب القصاص عدم الوجوب لقوله: هدر، ويستثنى من إطلاقه الجلاد القاتل بأمر الإمام إذا جرى على يده قتل غير مستحق وهو جاهل به فإنه لا كفارة عليه كما جزم به في الروضة وأصلها في مسألة الاستيفاء من الحائل، لأنه سيف الإمام وآلة سياسته (و) لا يشترط في وجوبها المباشرة بل تجب، وإن كان القاتل (متسببا) كالمكره والآمر به