فيؤخذ من كل منهم حصته من غير تخصيص أحد منهم لشمول جهة التحمل لهم، وإن قلوا أو كثر الواجب لم يزد القسط لتضررهم بذلك.
تنبيه: إنما اعتبر مقدار نصف الدينار وربعه لا عينهما، لأن الإبل هي الواجبة، وما يؤخذ بعد تمام الحول من نصف وربع يصرف إليها، وللمستحق أن لا يأخذ غيرها لما مر، والدعوى بالدية المأخوذة من العاقلة لا تتوجه عليهم، بل على الجاني نفسه، ثم هم يدفعونها بعد ثبوتها كما قاله ابن القاص في أدب القضاء، وهو مقتضى كلام الرافعي فيه أيضا (و) الغني والمتوسط (يعتبران آخر الحول) لأنه حق مالي متعلق بالحول على جهة المواساة فاعتبر بآخره كالزكاة فلا يؤثر الغني وضده قبله ولا بعده، فلو أيسر آخره ولم يؤد ثم أعسر ثبت دينا في ذمته (ومن أعسر فيه) أي آخر الحول (سقط) أراد لم يلزمه شئ لأنه ليس أهلا للمواساة بخلاف الجزية، لأنها كالأجرة لسكني دار الاسلام. قال الماوردي:
ولو ادعى الفقر بعد الغنى حلف ولا يكلف البينة لأنه إنما يتحمل بعد العلم بغناه ومن كان الحول ناقصا برق أو كفر أو جنون أو صبا وصار في آخره بصفة الكمال لم يؤخذ منه شئ في ذلك الحول ولا فيما بعده. قال الرافعي:
لأنهم ليسوا أهلا للنصرة بالبدن في الابتداء فلا يكلفون النصرة بالمال في الانتهاء والمعسر كامل أهل للنصرة وإنما يعتبر المال ليتمكن في الأداء فيعتبر وقته.
ولما فرغ مما يجب الحر شرع فيما يجب بجناية غيره مترجما لذلك بفصل فقال:
فصل: في جناية الرقيق: (مال جناية العبد) الموجبة للمال بأن كانت غير عمد أو عمد أو عفا الأول مال (يتعلق برقبته) بالاجماع كما حكاه البيهقي إذ لا يمكن إلزامه لسيده لأنه إضرار به مع براءته، ولا أن يكون في ذمة العبد إلى عتقه للاضرار بالمستحق بخلاف معاملة غيره له لرضاه بذمته، فالتعلق برقبته طريق وسط في رعاية الجانبين ولا يجب على عاقلة سيده لأنها وردت في الحر على خلاف الأصل، وفارق جناية البهيمة حيث يضمنها مالكها إذا قصر لأن للآدمي اختيار.
تنبيه: معنى التعلق بالرقبة أن يباع، ويصرف ثمنه إلى الجناية، ولا يملكه المجني عليه بنفس الجناية وإن كانت قيمته أقل من أرشها لما فيه من إبطال حق السيد من التمكن من الفداء، ويستثنى من التعلق بالرقبة جناية غير المميز والأعجمي الذي يعتقد طاعة آمره بأمر سيده أو غيره فإنها تكون على الامر، ولا يتعلق الضمان برقبته على الأصح كما ذكراه في الرهن والمبعض يجب عليه من واجب جنايته بنسبة حريته وباقيه من الرق يتعلق به باقي واجب الجناية فيفديه السيد بأقل الامرين من حصتي واجبها والقيمة كما يعلم مما يأتي (ولسيده) ولو بنائبه (بيعه لها) أي الجناية، ولا بد من إذن المستحق ولو كان البيع بعد اختيار الفداء، وله تسليمه ليباع فيها، ولا يباع منه أكثر من أرش الجناية إلا بإذن سيده أو ضرورة كأن لم يجد من يشتري بعضه، ويتعلق الأرش بجميع رقبته إن كان بقدر قيمتها أو أكثر، وكذا إن كان أقل على ظاهر النص ولو أبرأ المستحق عن بعض الواجب انفك من العبد بقسطه على الأصح كما ذكره الرافعي في دوريات الوصايا. واستشكل بأن تعلق الرهن بالمرهون دون تعلق المجني عليه برقبة العبد ومع ذلك لو أبرأ المرتهن عن بعض الدين لم ينفك شئ من الرهن، وقد يفرق بأن التعليق الجعلي أقوى من الشرعي (و) أيضا (فداؤه) فيتخير بين الامرين فإن اختار الفداء فيفديه في الجديد (بالأقل من قيمته وأرشها) لأن الأقل إن كان القيمة فليس عليه غير تسليم الرقبة وهي بدلها، أو الأرش فهو الواجب، وتعتبر القيمة يوم الجناية كما حكي عن النص، وجرى عليه ابن المقري في روضه لنوجه طلب الفداء فيه، ولأنه يوم تعلقها اعتبر القفال يوم الفداء، لأن النقص قبله لا يلزم السيد بدليل ما لو مات العبد قبل اختيار الفداء، وحمل النص على ما لو منع بيعه حال الجناية ثم نقصت القيمة، وجرى على هذا ابن المقري في إرشاده وشرحه، وهذا كما قال الزركشي هو المتجه