الضرر بالطفل، فإن ضره فلا. (ولأحدهما) فطمه إن اجتزأ بالطعام (بعد حولين) من غير رضى الآخر، لأنها مدة الرضاع التام، فإن كان ضعيف الخلقة لا يجتزئ بغير الرضاع لم يجز فطامه، وعلى الأب بذل الأجرة حتى يبلغ حدا يجتزي فيه بالطعام. وإذا امتنعت الام من إرضاعه أجبرها الحاكم عليه إن لم يجد غيرها كما قاله المتولي وغيره.
تنبيه: لو تم الحولان في حر أو برد شديد قال الفارقي: يجب على الأب إرضاعه في ذلك الفصل، فإن فطامه فيه يفضي إلى الاضرار وذلك لا يجوز بخلاف تمامهما في فصل معتدل، (ولهما الزيادة) على حولين إن اتفقا عليها ولم تضره الزيادة، وإلا فلا يجوز.
تنبيه: يسن قطع الرضاعة عند الحولين إلا لحاجة كما في فتاوى الحناطي. (ولا يكلف) المالك (رقيقه إلا عملا يطيقه) أي المداومة عليه لخبر مسلم المار، فلا يجوز أن يكلفه عملا على الدوام يقدر عليه يوما أو يومين ثم يعجز عنه. ويجوز له أن يكلفه الأعمال الشاقة: أي التي لا تضره في بعض الأوقات كما صرح به الرافعي، فإن كلفه ما لا يطيق أفتى القاضي حسين بأنه يباع عليه. قال ابن الصباغ: وليس هو ببعيد عن قاعدة المذهب اه. وهو كما قال الأذرعي ظاهر إذا تعين طريقا لخلاصه، فلو كان يمتنع إذا منع عنه لم يتعين بيعه. ويجب على السيد في تكليفه رقيقه ما يطيقه اتباع العادة، فيريحه في وقت القيلولة وهي النوم في نصف النهار، وفي وقت الاستمتاع إن كان له امرأة، وفي العمل طرفي النهار، ومن العمل آناء الليل إن استعمله نهارا، أو النهار إن استعمله ليلا، وإن سافر به أركبه وقتا فوقتا كالعادة دفعا للضرر عنه، وإن اعتاد السادة الخدمة من الأرقاء نهارا مع طرفي الليل لطوله اتبعت عادتهم، وعلى الرقيق بذل المجهود وترك الكسل في الخدمة. ويكره أن يقول المملوك لمالكه ربي، بل يقول سيدي ومولاي، ويكره أن يقول السيد له: عبدي أو أمتي، بل يقول: غلامي أو جاريتي أو فتاي وفتاتي، ولا كراهة في إضافة رب إلى غير المكلف، كرب الدار ورب الغنم، ويكره أن يقال للفاسق والمتهم في دينه يا سيدي. (ويجوز) للمالك (مخارجته) أي ضرب خراج على رقيقه إذا كان مكلفا، (بشرط رضاهما) أي المالك ورقيقه، فليس لأحدهما إجبار الآخر عليها لأنه عقد معاوضة فاعتبر فيه التراضي، والأصل فيها خبر الصحيحين: أنه (ص) أعطى أبا طيبة لما حجمه صاعين أو صاعا من تمر وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه. ونقلت عن جمع من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين. روى البيهقي أنه كان للزبير ألف مملوك تؤدي إليه الخراج، ولا يدخل بيته من خراجهم شيئا، بل يتصدق به.
تنبيه: يستفيد الرقيق بالمخارجة ما يستفيده الرقيق بالكتابة من بيع وشراء ونحو ذلك. (وهي خراج) معلوم يضربه السيد على رفيقه (يؤديه) مما يكسبه (كل يوم أو أسبوع) أو شهر أو سنة أو نحو ذلك عل حسب اتفاقهما.
وتشترط قدرته على كسب مباح، وأن يكون ذلك فاضلا عن مؤنته إن جعلت في كسبه، فلو لم يف كسبه بخراجه لم تصح مخارجته كما صرح به الماوردي وغيره. قال الشافعي رضي الله تعالى عنه في الام والمختصر: ويمنعه الإمام من أن يجعل على أمته خراجا إلا أن يكون لها عمل دائم أو غالب، وكذا العبد إذا لم يطق العمل، وروى بسنده إلى عثمان في خطبته: لا تكلفوا الصغير الكسب فيسرق، ولا الجارية غير ذات الصنعة فتكسب بفرجها. قال الإمام: وهذا مما تجب مراعاته، والأصل فيها الإباحة، فكأن السيد أباحه الزائد فيما إذا وفى وزاد كسبه توسعا عليه في النفقة، وقد يعرض لها عوارض تخرجها عن ذلك، فهي جائزة من الجانبين، ومؤنته تجب حيث شرطت من كسبه أو من مال سيده، ويجبر النقص في بعض الأيام بالزيادة في بعضها. (وعليه) أي صاحب دواب (علف دوابه) المحترمة (وسقيها) أو تخليتها للرعي وورود الماء إن اكتفت به، فإن لم تكتف به كجدب الأرض ونحوه أضاف إليه ما يكفيها، وذلك لحرمة الروح، ولخبر الصحيحين: دخلت امرأة النار في هرة حبستها، لا هي أطعمتها، ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض بفتح الخاء وكسرها: أي هوامها، والمراد بكفاية الدابة وصولها لأول الشبع والري دون غايتهما،