مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٤٥٩
عما لو أراد كل منهما السفر لحاجة واختلف طريقهما ومقصدهما، وللرافعي فيه احتمالان: أحدهما يدام حق الام، والثاني: أن يكون مع الذي مقصده أقرب أو مدة سفره أقصر. قال المصنف: والمختار الأول، وهو مقتضى كلام الأصحاب انتهى. وينبغي أن يأتي فيه البحث المتقدم. (أو) أراد أحدهما (سفر نقلة فالأب أولى) من الام بالحضانة، سواء انتقل الأب أم الام أو كل واحد إلى بلد حفظا للنسب فإنه يحفظه الآباء، أو رعاية لمصلحة التأديب والتعليم وسهولة الانفاق.
تنبيه: لو رافقته الام في سفره دام حقها، ولو عاد من سفر النقلة إلى بلدها عاد حقها، وإنما ينقل الأب ولده المميز إلى غير بلد الام (بشرط أمن طريقه، و) أمن (البلد المقصود) له وإلا فيقر عند أمه. وليس له أن يخرجه إلى دار الحرب كما صرح به المروزي، وقال الأذرعي: أنه ظاهر، وإن كان وقت أمن، وألحق به ابن الرفعة بخوف الطريق السفر في الحرب والبرد الشديدين قال الأذرعي: وهو ظاهر إذا كان يتضرر به الولد، ما إذا حمله فيما يقيه ذلك فلا.
وشرط المتولي في البلد المنتقل إليه أن يكون صالحا للإقامة وهل يجوز له أن يسافر به في البحر أو لا؟ تقدم الكلام على ذلك في باب الحجر. (قيل: و) يشترط (مسافة قصر) بين البلد المنقول عنده وإليه، لأن الانتقال لما دونها كالإقامة في محلة أخرى من البلد المتسع لامكان مراعاة الولد. والأصح لا فرق.
تنبيه: لو اختلفا فقال: أريد الانتقال وقالت: بل أردت التجارة صدق بيمينه، فإن نكل حلفت وأمسكت الولد.
(ومحارم العصبة) كجد وأخ وعم (في هذا) المذكور في سفر النقلة (كالأب) فيكون أولى من الام احتياطا للنسب أما محرم لا عصوبة له كأبي الام والخال للام، فليس له النقل لأنه لا حق له في النسب.
تنبيه: للأب نقله عن الام كما مر، وإن أقام الجد ببلدها وللجد ذلك عند عدم الأب، وإن أقام الأخ ببلدها لا الأخ مع إقامة العم أو ابن الأخ فليس له ذلك، بخلاف الأب والجد لأنهما أصل في النسب فلا يعتني به غيرهما كاعتنائهما. والحواشي متقاربون، فالمقيم منهم يعتني بحفظه، هذا ما حكاه في الروضة وأصلها عن المتولي وأقراه. وعليه فيستثنى ذلك من قول المصنف: ومحارم العصبة إلى آخره، ولكن البلقيني جرى على ظاهر المتن وقال: ما قاله المتولي من مفرداته التي هي غير معمول بها. (وكذا ابن عم) كالأب في انتزاعه (لذكر) مميز من أمه عند انتقاله لما مر.
(ولا يعطى أنثى) تشتهى حذرا من الخلوة بها لانتفاء المحرمية بينهما. (فإن رافقته بنته) أو نحوهما كأخته الثقة، (سلم) الولد الأنثى (إليها) لا له إن لم تكن في رحله كما لو كان في الحضر، أما لو كانت بنته أو نحوها في رحله فإنها تسلم إليه وبذلك تؤمن الخلوة، وقد مر أن بهذا جمع بين كلامي الروضة والكتاب. وإن لم تبلغ حد الشهوة أعطيت له، وإن نازع في ذلك الأذرعي.
تنبيه: لو قال: سلمت لاستغنى عما قدرته وكان أولى، فإن الضمير عائد على الأنثى، وإنما يثبت حق النقلة للأب أو غيره إذا اجتمع فيه الشروط المعتبرة في الحضانة.
تتمة: ما مر إذا لم يبلغ المحضون، فإن بلغ فإن كان غلاما وبلغ رشيدا ولي أمر نفسه لاستغنائه عمن يكفله فلا يجبر على الإقامة عند أحد أبويه، والأولى أن لا يفارقهما ليبرهما، قال الماوردي: وعند الأب أولى للمجانسة. نعم إن كان أمرد أو خيف من انفراده ففي العدة عن الأصحاب أنه يمنع من مفارقة الأبوين. ولو بلغ عاقلا غير رشيد فأطلق مطلقون أنه كالصبي، وقال ابن كج: إن كان لعدم إصلاح ما له فكذلك، وإن كان لدينه فقيل: تدام حضانته إلى ارتفاع الحجر، والمذهب أنه يسكن حيث شاء. قال الرافعي: وهذا التفصيل حسن اه‍. وإن كان أنثى فإن بلغت رشيدة، فالأولى أن تكون عند أحدهما حتى تتزوج إن كانا مفترقين، وبينهما إن كانا مجتمعين، لأنه أبعد عن التهمة، ولها أن تسكن حيث شاءت ولو بأجرة هذا إذا لم تكن ريبة، فإن كانت فللام إسكانها معها، وكذا للولي من العصبة إسكانها معه إذا كان محرما لها، وإلا ففي موضع لائق بها يسكنها ويلاحظها دفعا لعار النسب، كما يمنعها نكاح غير الكفء ويجبر
(٤٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460