عن مجرد الحناطي من أنه لو تزوج ببغداد امرأة بالكوفة، وقلنا اعتبار التسليم بموضع العقد، فتسلم نفسها ببغداد ولا نفقة لها قبل أن تصل بغداد مع أن السفر لبغداد لحاجتهما. الصورة الثانية: ما إذا سافرت وحدها بإذنه لحاجة ثالث، قال الزركشي: ويظهر أنها كحاجة نفسها، وهو كما قال بعض المتأخرين ظاهر إذا لم يكن خروجها بسؤال الزوج لها فيه، وإلا فينبغي أن يلحق بخروجها لحاجته بإذنه. (ولو نشزت) في حضور الزوج بأن خرجت من بيته كما قاله الرافعي بغير إذنه، (فغاب) عنها (فأطاعت) بعد غيبته برجوعها إلى بيته، (لم تجب) نفقتها زمن الطاعة (في الأصح) لانتفاء التسلم والتسليم إذ لا يحصلان مع الغيبة، والثاني: يجب لعودها إلى الطاعة. (و) على الأول (طريقها) في عود استحقاق النفقة لها بعد طاعتها في غيبة زوجها (أن يكتب الحاكم) بعد رفعها الامر إليه (كما سبق) في ابتداء التسليم، فيكتب لحاكم بلده ليعلمه بالحال، فإن عاد أو وكيله واستأنف تسلمها عادت النفقة، وإن مضى زمن إمكان العود ولم يعد ولا بعث وكيله عادت النفقة أيضا على ما مر في المقيس عليه. أما إذا كان نشوزها بغير الخروج من بيتها كأن ارتدت أو خالفته من غير خروج من المنزل عادت النفقة بعودها إلى الاسلام أو الطاعة في غيبته، وإن أفهم كلام المتن خلافه. (ولو خرجت في غيبته) لا على وجه النشوز بل (لزيارة) لأقاربها أو جيرانها (ونحوها) كعيادتهم وتعزيتهم، (لم تسقط) نفقتها إذ لا يعد ذلك نشوزا عرفا.
تنبيه: في بعض نسخ المحرر تقييد الزيارة ببيت أبيها، ونقلاه في الروضة كأصلها عن البغوي. قال ابن شهبة:
وحذف المصنف هذا القيد ليشمل غير الأب من المحارم. قال الزركشي: وهو ظاهر، إلا أن الاطلاق يشمل الأجانب والمتجه خلافه اه. والأوجه ما قاله الدميري من أن المراد خروجها إلى بيت أبيها أو أقاربها أو جيرانها لزيارة أو عيادة أو تعزية، ولهذا تبعته في حل المتن. ونقل الزركشي عن الحموي شارح التعجيز أنه ليس لها الخروج لموت أبيها ولا شهود جنازته وأقره، والظاهر خلافه أخذا مما مر. (والأظهر أن لا نفقة) ولا توابعها (لصغيرة) لا تحتمل الوطئ لتعذره لمعنى فيها. والثاني: تجب كالرتقاء والقرناء والمريضة كما مر. وأجاب الأول بأن المرض يطرأ ويزول والرتق والقرن مانع دائم قد رضي به ويشق معه ترك النفقة مع أن التمتع بغير الوطئ لا يفوت كما مر. (و) الأظهر (أنها تجب لكبيرة) والمراد من يمكن وطؤها، لا البالغة كما قد يتوهم، (على) زوج (صغير) لا يمكن منه جماع إذا سلمت نفسها أو عرضتها على وليه. إذ لا مانع من جهتها فأشبه ما لو سلمت نفسها إلى كبير فهرب. (وإحرامها بحج أو عمرة) أو مطلقا (بلا إذن) من الزوج (نشوز) من وقت الاحرام (إن لم يملك تحليلها) مما أحرمت به وهو في إحرامها بفرض على قول مرجوح مر في باب الحج لأنها منعته نفسها بذلك، فتكون ناشزة من وقت الاحرام وإن لم تخرج سواء أكان الزوج محرما أم حلالا (فإن ملك) تخليلها بأن كان ما أحرمت به تطوعا أو فرضا على الأظهر كما مر في باب الاحصار، (فلا) يكون إحرامها حينئذ نشوزا فتستحق النفقة لأنها في قبضته وهو قادر على التحليل والاستمتاع، فإذا لم يفعل فهو المفوت نفسه.
تنبيه: لو أسقط قوله: بحج أو عمرة لكان أخصر وأعم ليشمل ما قدرته في كلامه. وقضية كلامه أنه يحرم الاحرام بغير إذنه لأنه جعله نشوزا، والمذكور في بابه استحباب الاستئذان، فالمراد هنا بيان ما يسقط النفقة وما لا يسقطها لا بيان الإباحة والتحريم. ويستثنى من كلامه ما لو أفسد حجها المأذون فيه بجماع فإنها تقتضيه على الفور ولها الاحرام بغير إذن وعليه الخروج معها كما ذكره الأذرعي، وتجب نفقتها. وحيث قيل بوجوب نفقتها فتستمر (حتى تخرج) من بيتها فإذا خرجت (فمسافرة لحاجتها) فإن سافرت وحدها بإذنه سقطت نفقتها في الأظهر، أو معه استحقت