المصدق لأن الأصل براءة ذمته، ورجع الأول لأن الأصل بقاء ما وجب وهو يدعي سقوطه. وفرع على القولين أيضا قوله: (فإن لم تعرض عليه) زوجته (مدة) مع سكوته عن طلبها ولم تمتنع، (فلا نفقة) لها (فيها) على الجديد لعدم التمكين، وتجب على القديم. (و) على الجديد (إن عرضت عليه) وهي بالغة عاقلة مع حضوره في بلدها كأن بعثت إليه تخبره أني مسلمة نفسي إليك فاختر أن آتيك حيث شئت أو تأتي إلي، (وجبت) نفقتها (من) حين (بلوغ الخبر) له، لأنه حينئذ مقصر. (فإن غاب) عن بلدها قبل عرضها إليه ورفعت الامر إلى الحاكم مظهرة له التسليم، (كتب الحاكم) المرفوع إليه الامر (لحاكم بلده) أي الزوج، (ليعلمه) الحال، (فيجئ) الزوج لها يتسلمها، (أو يوكل) من يجئ يسلمها له أو يحملها إليه، وتجب النفقة في وقت التسليم.
تنبيه: مجيئه بنفسه أو وكيله حين علمه يكون على الفور. (فإن لم يفعل) شيئا من الامرين مع إمكان المجئ أو التوكيل، (ومضى زمن) إمكان (وصوله) إليها، (فرضها القاضي) في ماله من حين إمكان وصوله وجعل كالمستلم لها لأنه المانع منه. أما إذا لم يمكنه ذلك فلا يفرض عليه شيئا لأنه غير معرض، قاله العمراني والجرجاني وغيرهما كذا نقله الأذرعي ومن تبعه، وقيدوا به كلام الكتاب.
تنبيه: هذا إن علم مكان الزوج، فإن جهل كتب الحاكم إلى الحكام الذين ترد عليهم القوافل من بلده عادة لينادي باسمه، فإن لم يظهر أعطاها القاضي نفقتها من ماله الحاضر وأخذ منها كفيلا بما يصرف إليها لاحتمال موته أو طلاقه. أما إذا غاب بعد عرضها عليه وامتناعه من تسلمها، فإن النفقة تقرر عليه ولا تسقط بغيبته. (والمعتبر في) زوجة (مجنونة ومراهقة عرض ولي) لهما على أزواجهما لأنه المخاطب بذلك ولا اعتبار بعرضهما، لكن لو عرضت المراهقة نفسها على زوجها فتسلمها ولو بغير إذن وليها وجبت نفقتها. وفي عبارة الشرحين: فتسلمها وصار بها إلى منزله، وظاهرها أنه لو تسلمها ولم يصر بها لا تستحق. والظاهر كما قال الأذرعي أنه ليس بشرط، ولذلك أسقطه ابن المقري، ونعم ما فعل. وتسلم الزوج والمراهق زوجته كاف وإن كره الوطئ. فإن قيل: لو تسلم المراهق المبيع لم يكف، فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن القصد ثم أن تصير اليد للمشتري، وهي للولي فيما اشتراه للمراهق، لا له.
تنبيه: كان الأحسن للمصنف أن يعبر بالمعصر بدل المراهقة لأنه يقال في اللغة: غلام مراهق وجارية معصر، ولا يقال مراهقة لأنها من صفات الذكور. ثم شرع في موانع النفقة، فقال: (وتسقط) نفقة كل يوم (بنشوز) أي خروج عن طاعة الزوج بعد التمكين والعرض على الجديد، وقبله على القديم، لأنها تجب بالتسليم فتسقط بالمنع. والمراد بالسقوط عدم الوجوب وإلا فالسقوط حقيقة إنما يكون بعد الوجوب.
تنبيه: نشوز غير المكلفة كالمكلفة لاستواء الفعلين في التفويت على الزوج، وسواء أقدر الزوج على ردها إلى الطاعة قهرا أم لا، لأن له عليها حق الحبس في مقابلة وجوب النفقة، فإذا نشزت عليه سقط وجوب النفقة. ولو نشزت نهارا دون الليل أو عكسه أو بعض أحدهما سقطت نفقة جميع اليوم لأنها لا تتجزأ بدليل أنها تسلم دفعة واحدة، ولا تفرق غدوة وعشية، وقيل: تستحق نفقة ما قبل النشوز من زمن الطاعة بالقسط، وقطع به السرخسي. (و) تسقط و (لو) كان نشوزها (بمنع لمس) أو غيره من مقدمات الوطئ، (بلا عذر) بها، إلحاقا لمقدمات الوطئ بالوطئ، فإن كان عذر كمنع لمس من بفرجها قروح وعلمت أنه متى لمسها واقعها لم يكن منعها نشوزا.
تنبيه: قضية كلامه أنها لو مكنت من الوطئ ومنعت بقية الاستمتاعات أنه نشوز، وهو الأصح في زوائد الروضة في باب القسم والنشوز. ونبه باللمس على أن ما فوقه بطريق الأولى، لكن لا يفهم منه أنها لو منعته النظر بتغطية وجهها أو توليته يكون نشوزا، والأصح في زيادة الروضة أنه نشوز. (وعبالة زوج) وهي بفتح العين: كبر آلته بحيث لا تحتملها