مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٤١٢
إذا كان للمشتري فقط أنه يحل له وطؤها ويلزم من حله الاعتداد بالاستبراء في زمن الخيار. أجيب بأن المراد بالحل هناك ارتفاع التحريم المستند لضعف الملك وانقطاع سلطنة البائع فيما يتعلق بحقه، وإن بقي التحريم المستند لضعف الملك وانقطاع التحريم لمعنى آخر وهو الاستبراء، وقد مرت الإشارة إلى ذلك في باب الخيار. (لا هبة) جرى الاستبراء بعد عقدها وقبل قبضها، فلا يعتد به لتوقف الملك فيها على القبض كما مر في بابها. فإن قيل: إن عبارة المصنف توهم أن هذه الصورة من صور الاستبراء بعد الملك وقبل القبض وقد تقدم أنها لا تملك إلا بالقبض. أجيب بدفع ذلك، إذ شرط العطف ب‍ لا أن يكون ما بعدها غير صادق على ما قبلها كما قاله السهيلي، وتقدمت الإشارة إلى ذلك في قول المتن في كتاب الطهارة. وقيل طاهر لا طهور.
تنبيه: الأمة الموصى بها إذا مضى زمن الاستبراء بعد موت الموصي وبعد قبول الموصى له يحسب كما في الإرث، وكذا بعد موت الموصي وقبل قبول الموصي له كما قاله الرافعي. فإن قيل: هلا كان ذلك كمغيبها في مدة خيار المشتري وهو لا يحصل كما مر أجيب بأن الملك في الموصى بها بعد الموت أقوى من ملك المشتري لها في زمن الخيار. ثم أشار المصنف رحمه الله تعالى لقاعدة، وهي أن كل استبراء لا يتعلق به استباحة وطئ لا يعتد به بقوله: (ولو اشترى) أمة (محبوسة) أو نحوها كمرتدة. (فحاضت) أو وجد منها ما يحصل به الاستبراء من وضع حمل أو مضي شهر لغير ذوات الأقراء، (ثم أسلمت) بعد انقضاء ذلك أو في أثنائه، (لم يكف) هذا الاستبراء في الأصح، لأنه لا يستعقب حل الاستمتاع الذي هو القصد في الاستبراء. والثاني: يكتفي بذلك لوقوعه في الملك المستقر.
تنبيه: يلتحق بشراء المجوسية ونحوها ما لو اشترى العبد المأذون جارية وكان عليه دين، فإنه لا يجوز للسيد وطؤها ولو مضت مدة الاستبراء، فإذا زال الدين بقضاء أو إبراء لم يكف ما حصل من الاستبراء قبله في الأصح. وهل يعتد باستبراء المرهونة فلا تجب إعادته بعد انفكاك الرهن أو لا؟ جرى ابن المقري على الأول تبعا للروياني، وجرى الأذرعي وغيره على الثاني تبعا لابن الصباغ، وهو أوجه إذا تعلق الغرماء بما في يد العبد إن لم ينقص عن تعلق حق المرتهن لا يزيد عليه. (ويحرم الاستمتاع بالمستبرأة) قبل انقضاء الاستبراء بوطئ لما مر وغيره كقبلة ونظر بشهوة قياسا عليه لأنه يؤدي إلى الوطئ المحرم، وإذا طهرت من الحيض على ما عدا الوطئ على الصحيح، وبقي تحريم الوطئ إلى الاغتسال. (إلا) مستبرأة (مسبية) وقعت في سهمه من الغنيمة، (فيخل) له منها (غير وطئ) من أنواع الاستمتاعات لمفهوم الخبر السابق، ولما روى البيهقي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: وقعت في سهمي جارية من سبي جلولاء فنظرت إليها فإذا عتقها مثل إبريق الفضة فلم أتمالك أن قبلتها والناس ينظرون ولم ينكر علي أحد من الصحابة وجلولاء بفتح الجيم والمد: قرية من نواحي فارس، والنسبة إليها جلولي على غير قياس، فتحت يوم اليرموك سنة سبع عشرة من الهجرة فبلغت غنائمها ثمانية عشر ألف ألف. وفارقت المسبية غيرها بأن غايتها أن تكون مستولدة حربي وذلك لا يمنع الملك، وإنما حرم وطؤها صيانة لمائه لئلا يختلط بماء حربي لا لحرمة ماء الحربي.
(وقيل: لا) يحل الاستمتاع بالمسبية أيضا كغيرها، وهو ما نص عليه في الام، كما حكاه في المهمات. والمشتراة من حربي كالمسبية كما قاله صاحب الاستقصاء، إلا أن يعلم أنها انتقلت إليه من مسلم أو ذمي ونحوه والعهد قريب، وخرج بالاستمتاع الاستخدام فلا يحرم، ولا يفهم من تحريم الاستمتاع تحريم الخلوة بها، ويدل له قولهم: ولا تزال يد السيد عن أمته المستبرأة مدة الاستبراء وإن كانت حسناء بل هو مؤتمن فيه شرعا لأن سبايا أوطاس لم ينتزعن من أيدي أصحابهن.
فإن وطئها السيد قبل الاستبراء أو في أثنائه لم ينقطع الاستبراء وإن أثم به، فإن حبلت منه قبل الحيض بقي التحريم حتى تضع، أو في أثنائه حلت بانقطاعه لتمامه. قال الإمام: هذا إن مضى قبل وطئه أقل الحيض وإلا فلا تحل حتى يضع كما لو أحبلها قبل الحيض اه‍. وهو حسن. (وإذا قالت) أمة في زمن استبرائها: (حضت، صدقت) بلا يمين، لأنه لا يعلم
(٤١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460