مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٢٤٥
منها، ويوجه كلامهم بأن اعتبار السرور إنما هو في الغالب. ولحفظ القرآن حذاق بكسر الحاء المهملة وبذال معجمة.
وبلا سبب مأدبة بضم الدال وفتحها. والكل مستحب، قال الأذرعي: والظاهر أن استحباب وليمة الختان محله في ختان الذكور دون الإناث فإنه يخفى ويستحيا من إظهاره، ويحتمل استحبابه للنساء فيما بينهن خاصة، أي وهذا أوجه قال: وأطلقوا استحباب الوليمة للقدوم من السفر، والظاهر أن محله في السفر الطويل لقضاء العرف به. أما من غاب يوما أو أياما يسيرة إلى بعض النواحي القريبة فكالحاضر. وآكدها (وليمة العرس) بضم العين مع ضم الراء وإسكانها، فإنها (سنة) مؤكدة لثبوتها عنه (ص) قولا وفعلا، وفي البخاري: أنه (ص) أولم على بعض نسائه بمدين من شعير، وأنه أولم على صفية بتمر وسمن وأقط، وأنه قال لعبد الرحمن بن عوف وقد تزوج: أولم ولو بشاة. وأقلها للتمكن شاة ولغيره ما قدر عليه. قال النسائي: والمراد أقل الكمال شاة لقول التنبيه: وبأي شئ أولم من الطعام جاز. وهو يشمل المأكول والمشروب الذي يعمل في حال العقد من سكر وغيره. وقد جمع بعضهم أسماء الولائم في أبيات فقال:
وللضيافة أسماء ثمانية * وليمة العرس ثم الخرس للولد كذا العقيقة للمولود سابعة * ثم الوكيرة للبنيان إن تجد ثم النقيعة عند العود من سفر * وفي الختان هو الاعدار فاجتهد وضيمة لمصاب ثم مأدبة * من غير ما سبب جاءتك بالعدد والشندخي لاملاك فقد كملت * تسعا وقل للذي يدريه فاعتمد وقوله: قل للذي يدريه: أي الشندخي. وأهمل الناظم عاشرا وهو الحذاق. ولم يتعرضوا لاستحباب الوليمة للتسري، وقد صح. أنه (ص) لما أولم على صفية قالوا: إن لم يحجبها فهي أم ولد وإن حجبها فهي امرأته، وفيه دليل على عدم اختصاص الوليمة بالزوجة وندبها للتسري، إذ لو اختصت بالزوجة لم يترددوا في كونها زوجة أو سرية.
تنبيه: لم يتعرضوا لوقت الوليمة، واستنبط السبكي من كلام البغوي أن وقتها موسع من حين العقد فيدخل وقتها به.
والأفضل فعلها بعد الدخول، لأنه (ص) لم يؤلم على نسائه إلا بعد الدخول، فتجب الإجابة إليها من حين العقد وإن خالف الأفضل، خلافا لما بحثه ابن السبكي في التوشيح. (وفي قول) كما حكاه في المهذب، (أو وجه) كما في غيره، (واجبة) عينا لظاهر الامر في خبر عبد الرحمن السابق. والأول حمله على الندب قياسا على الأضحية وسائر الولائم، ولأنه أمر فيه بالشاة، ولو كان الامر للوجوب لوجبت، وهي لا تجب إجماعا لا عينا ولا كفاية.
تنبيه: لو نكح أربعا هل يستحب لكل واحدة وليمة واحدة عن الجميع أو يكفيه، أو يفصل بين العقد الواحد والعقود؟ قال الزركشي: فيه نظر اه‍. والأوجه الأول كما قاله غيره. (والإجابة إليها) أي وليمة العرس على القول بأنها سنة، (فرض عين) لخبر الصحيحين: إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها، وخبر مسلم: شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء وتترك الفقراء، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله. قالوا: والمراد وليمة العرس لأنها المعهودة عندهم. ويؤيده ما في الصحيحين مرفوعا: إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب وحكى ابن عبد البر وغيره الاجماع على ذلك. (وقيل) الإجابة إليها فرض (كفاية) لأن المقصود النكاح والتمييز عن السفاح، وهو حاصل بحصول البعض. (وقيل: سنة) لأنه تمليك مال فلم يجب كغيره، والخبر محمول على تأكد الاستحباب. أما على القول بأنها واجبة فإن الإجابة تجب قطعا، قاله المتولي وتابعاه.
تنبيه: قضية قوله: إليها عدم الإجابة إلى غيرها من الولائم وهو الصحيح، بل هي سنة لما في مسند أحمد عن الحسن قال: دعي عثمان بن أبي العاصي إلى ختان فلم يجب وقال: لم يكن يدعي له على عهد رسول الله (ص).
وقيل: يطرد الخلاف السابق، واختاره السبكي وغيره، ففي مسلم: من دعي إلى عرس أو نحوه فليجب، وفي سنن أبي داود: إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسا كان أو غيره وقضيتهما وجوب الإجابة في سائر الولائم، وبه أجاب
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460