منها، ويوجه كلامهم بأن اعتبار السرور إنما هو في الغالب. ولحفظ القرآن حذاق بكسر الحاء المهملة وبذال معجمة.
وبلا سبب مأدبة بضم الدال وفتحها. والكل مستحب، قال الأذرعي: والظاهر أن استحباب وليمة الختان محله في ختان الذكور دون الإناث فإنه يخفى ويستحيا من إظهاره، ويحتمل استحبابه للنساء فيما بينهن خاصة، أي وهذا أوجه قال: وأطلقوا استحباب الوليمة للقدوم من السفر، والظاهر أن محله في السفر الطويل لقضاء العرف به. أما من غاب يوما أو أياما يسيرة إلى بعض النواحي القريبة فكالحاضر. وآكدها (وليمة العرس) بضم العين مع ضم الراء وإسكانها، فإنها (سنة) مؤكدة لثبوتها عنه (ص) قولا وفعلا، وفي البخاري: أنه (ص) أولم على بعض نسائه بمدين من شعير، وأنه أولم على صفية بتمر وسمن وأقط، وأنه قال لعبد الرحمن بن عوف وقد تزوج: أولم ولو بشاة. وأقلها للتمكن شاة ولغيره ما قدر عليه. قال النسائي: والمراد أقل الكمال شاة لقول التنبيه: وبأي شئ أولم من الطعام جاز. وهو يشمل المأكول والمشروب الذي يعمل في حال العقد من سكر وغيره. وقد جمع بعضهم أسماء الولائم في أبيات فقال:
وللضيافة أسماء ثمانية * وليمة العرس ثم الخرس للولد كذا العقيقة للمولود سابعة * ثم الوكيرة للبنيان إن تجد ثم النقيعة عند العود من سفر * وفي الختان هو الاعدار فاجتهد وضيمة لمصاب ثم مأدبة * من غير ما سبب جاءتك بالعدد والشندخي لاملاك فقد كملت * تسعا وقل للذي يدريه فاعتمد وقوله: قل للذي يدريه: أي الشندخي. وأهمل الناظم عاشرا وهو الحذاق. ولم يتعرضوا لاستحباب الوليمة للتسري، وقد صح. أنه (ص) لما أولم على صفية قالوا: إن لم يحجبها فهي أم ولد وإن حجبها فهي امرأته، وفيه دليل على عدم اختصاص الوليمة بالزوجة وندبها للتسري، إذ لو اختصت بالزوجة لم يترددوا في كونها زوجة أو سرية.
تنبيه: لم يتعرضوا لوقت الوليمة، واستنبط السبكي من كلام البغوي أن وقتها موسع من حين العقد فيدخل وقتها به.
والأفضل فعلها بعد الدخول، لأنه (ص) لم يؤلم على نسائه إلا بعد الدخول، فتجب الإجابة إليها من حين العقد وإن خالف الأفضل، خلافا لما بحثه ابن السبكي في التوشيح. (وفي قول) كما حكاه في المهذب، (أو وجه) كما في غيره، (واجبة) عينا لظاهر الامر في خبر عبد الرحمن السابق. والأول حمله على الندب قياسا على الأضحية وسائر الولائم، ولأنه أمر فيه بالشاة، ولو كان الامر للوجوب لوجبت، وهي لا تجب إجماعا لا عينا ولا كفاية.
تنبيه: لو نكح أربعا هل يستحب لكل واحدة وليمة واحدة عن الجميع أو يكفيه، أو يفصل بين العقد الواحد والعقود؟ قال الزركشي: فيه نظر اه. والأوجه الأول كما قاله غيره. (والإجابة إليها) أي وليمة العرس على القول بأنها سنة، (فرض عين) لخبر الصحيحين: إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها، وخبر مسلم: شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء وتترك الفقراء، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله. قالوا: والمراد وليمة العرس لأنها المعهودة عندهم. ويؤيده ما في الصحيحين مرفوعا: إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب وحكى ابن عبد البر وغيره الاجماع على ذلك. (وقيل) الإجابة إليها فرض (كفاية) لأن المقصود النكاح والتمييز عن السفاح، وهو حاصل بحصول البعض. (وقيل: سنة) لأنه تمليك مال فلم يجب كغيره، والخبر محمول على تأكد الاستحباب. أما على القول بأنها واجبة فإن الإجابة تجب قطعا، قاله المتولي وتابعاه.
تنبيه: قضية قوله: إليها عدم الإجابة إلى غيرها من الولائم وهو الصحيح، بل هي سنة لما في مسند أحمد عن الحسن قال: دعي عثمان بن أبي العاصي إلى ختان فلم يجب وقال: لم يكن يدعي له على عهد رسول الله (ص).
وقيل: يطرد الخلاف السابق، واختاره السبكي وغيره، ففي مسلم: من دعي إلى عرس أو نحوه فليجب، وفي سنن أبي داود: إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسا كان أو غيره وقضيتهما وجوب الإجابة في سائر الولائم، وبه أجاب