مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٦١
معها ذلك كان قطعت إحدى يديه يسن له تقديم اليمنى. (و) من سننه (إطالة غرته) بغسل زائد على الواجب من الوجه من جميع جوانبه، وغايتها غسل صفحة العنق مع مقدمات الرأس. (و) إطالة (تحجيله) بغسل زائد على الواجب من اليدين والرجلين من جميع الجوانب، وغايته استيعاب العضدين والساقين، ولا فرق في ذلك بين بقاء محل الفرض وسقوطه. والأصل في ذلك خبر الصحيحين: إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل، وخبر مسلم: أنتم الغر المحجلون يوم القيامة بإسباغ الوضوء فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله. ومعنى غرا محجلين بيض الوجوه واليدين والرجلين كالفرس الأغر، وهو الذي في وجهه بياض، والمحجل: وهو الذي قوائمه بيض. وهذا من خصائص هذه الأمة كما يؤخذ من الحديث الثاني. وأما الوضوء ففيه خلاف تقدم، والراجح أنه ليس من خصائصها. (و) سننه (الموالاة) بين الأعضاء في التطهير بحيث لا يجف الأول قبل الشروع في الثاني مع اعتدال الهواء ومزاج الشخص نفسه والزمان والمكان. ويقدر الممسوح مغسولا، هذا في غير وضوء الضرورة كما تقدم وما لم يضق الوقت، وإلا فتجب، والاعتبار بالغسلة الأخيرة. ولا يحتاج التفريق الكثير إلى تجديد نية عند عزوبها لأن حكمها باق.
(وأوجبها القديم) لخبر أبي داود: أنه (ص) رأى رجلا يصلي وفي قدميه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة. ودليل الجديد ما روي: أنه (ص) توضأ في السوق فغسل وجهه ويديه ومسح رأسه، فدعي إلى جنازة فأتى المسجد فمسح على خفيه وصلى عليها، قال الإمام الشافعي: وبينهما تفريق كثير. وقد صح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما التفريق ولم ينكر عليه أحد، ولأنها عبادة لا يبطلها التفريق اليسير، فكذا الكثير كالحج. وقال في المجموع:
إن الحديث الذي استند إليه في القديم ضعيف. ومحل الخلاف في التفريق بغير عذر وفي طول التفريق، أما بالعذر فلا يضر قطعا، وقيل: يضر على القديم، وأما اليسير فلا يضر إجماعا. (و) من سننه (ترك الاستعانة) بالصب عليه لغير عذر، لأنه الأكثر من فعله (ص)، ولأنها نوع من التنعيم والتكبر وذلك لا يليق بالمتعبد، والاجر على قدر النصب، وهي خلاف الأولى. وقيل: تكره. وخرج بقيد الصب الاستعانة بغسل الأعضاء فهي مكروهة، والاستعانة بإحضار الماء فهي لا بأس بها أما إذا كان ذلك لعذر كمرض فلا تكون خلاف الأولى ولا مكروهة دفعا للمشقة، بل قد تجب الاستعانة إذا لم يمكنه التطهر إلا بها ولو ببذل أجرة مثلا. والمراد بترك الاستعانة الاستقلال بالافعال، لا طلب الإعانة فقط، حتى لو أعانه غيره ولو ساكت كان الحكم كذلك وإن اقتضى التعبير بالاستعانة عدم ثبوت هذا الحكم حينئذ. وإذا استعان بالصب فليقف المعين على اليسار لأنه أعون وأمكن وأحسن أدبا، قاله في المجموع. (و) من سننه ترك (النفض) للماء في الأصح، لأنه كالتبري من العبادة فهو خلاف الأولى كما جزم به المصنف في التحقيق، وقال في شرحي مسلم والوسيط: إنه الأشهر، قال في المهمات: وبه الفتوى، وقيل: مكروه كما جزم به الرافعي في شرحيه، وقيل: مباح تركه فعله سواء، ورجحه المصنف في زيادة الروضة وفي المجموع ونكت التنبيه. (وكذا التنشيف) بالرفع أي تركه من بلل ماء الوضوء بلا عذر خلاف الأولى، (في الأصح) لأنه يزيل أثر العبادة، ولأنه (ص) بعد غسله من الجنابة أتته ميمونة بمنديل فرده وجعل يقول بالماء هكذا ينفضه، رواه الشيخان. ولا دليل في ذلك لإباحة النفض، فقد يكون فعله (ص) لبيان الجواز. والثاني: فعله وتركه سواء، قال في شرح مسلم. وهذا هو الذي نختاره ونعمل به. والثالث: فعله مكروه. ولو ترك قوله وكذا ليعود الخلاف إلى النفض كما قدرته لكان أولى. أما إذا كان هناك عذر كحر أو برد أو التصاق نجاسة فلا كراهة قطعا، أو كان يتيمم عقب الوضوء لئلا يمنع البلل في وجهه ويديه التيمم، قال في المجموع: ولا يقال إنه خلاف المستحب. قال الأذرعي: بل يتأكد استحبابه عند ذلك. فإن قيل: كان الأولى للمصنف أن يعبر بالنشف على زنة الضرب لأن فعله نشف بكسر الشين على الأشهر كما ذكره أهل اللغة، والتعبير بالتنشيف يقتضي أن المسنون ترك المبالغة فيه، وليس مرادا. يجيب بأن التنشيف أخذ الماء بخرقة ونحوها كما في القاموس، والتعبير به هو المناسب. وأما النشف بمعنى الشرب فلا يظهر هنا إلا بنوع تكلف كما قاله أبو عبد الله القاياتي. وإذا نشف فالأولى أن لا يكون بذيله وطرف ثوبه ونحوهما، قال في الذخائر: فقد قيل إن ذلك يورث الفقر. فإن كان معه من يحمل الثوب الذي يتنشف فيه وقف
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532