الشاة فلا بد أن تكون في سن الأضحية. قال الأسنوي: وكان الفرق أن الشاة لم يوجبها الشرع إلا في هذا السن بخلاف البقرة، بدليل التبيع في الثلاثين منها. وكلام المصنف يقتضي وجوب البقرة أو الشاة بمجرد القطع، ولا يتوقف على قلع الشجرة، وكلام التنبيه يقتضي التوقف عليه، ولم يصرحا في الشرحين والروضة بالمسألة، نعم عبر الرافعي بالتامة، ولعله احترز به عن قطع الغصن. (قلت: والمستنبت) بفتح الموحدة، وهو ما استنبته الآدميون من الشجر، (كغيره) في الحرمة والضمان (على المذهب) وهو القول الأظهر، وقطع به بعضهم لعموم الحديث السابق. والثاني المنع تشبيها له بالزرع، أي كالحنطة والشعير والبقول والخضروات فإنه يجوز قطعه ولا ضمان فيه بلا خلاف، ذكره في المجموع. (ويحل) من شجر الحرم (الإذخر) قطعا وقلعا لاستثنائه في الخبر السابق، قال العباس: يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقينهم وبيوتهم، فقال (ص): إلا الإذخر ومعنى كونه لبيوتهم أنهم يسقفونها بضم القاف به فوق الخشب، والقين الحداد. وهي بكسر الهمزة والذال المعجمة نبات معروف. وظاهر إطلاق المصنف أن آخذه يتصرف فيه بجميع التصرفات من بيع وغيره، وبذلك أفتى شيخي. (وكذا الشوك) يحل شجره (كالعوسج) جمع عوسجة نوع من الشوك، (وغيره) من كل مؤذ يحل (عند الجمهور) كالصيد المؤذي فلا ضمان في قطعه، وقيل: يحرم ويجب الضمان بقلعه، وصححه المصنف في شرح مسلم، واختاره في تحرير التنبيه وتصحيحه. قال: والفرق بينه وبين الصيود المؤذية أنها تقصد الأذى بخلاف الشجر.
تنبيه: قال الأسنوي: ولأجل اختيار المصنف المنع عبر بقوله عند الجمهور ولم يعبر بالصحيح ونحوه على عادته، لأنه لا يمكنه إطلاق تصحيح الجواز لاعتقاده خلافه، ولا تصحيح المنع لكونه خلاف المشهور في المذهب اه.
لكنه لم يحترز عن ذلك في الروضة، بل قال: على الصحيح الذي قطع به الجمهور، وفي المجموع ونحوه. ويجوز رعي حشيش الحرم بل وشجره كما نص عليه في الام للبهائم، لأن الهدايا كانت تساق في عصره (ص) وأصحابه رضي الله تعالى عنهم وما كانت تسد أفواهها في الحرم. ويحل أخذ حشيشه للبهائم، (والأصح حل أخذ نباته) من حشيش ونحوه بالقطع، (لعلف البهائم) بسكون اللام كما يجوز تسريحها فيه، (وللدواء) بالمد كالحنظل، وللتغذي كالرجلة والبقلة للحاجة إليه، (والله أعلم) ولان ذلك في معنى الزرع. ولا يقطع لذلك إلا بقدر الحاجة كما قاله ابن كج، والثاني: يمنع ذلك وقوفا مع ظاهر الخبر. وعلى الأول لا يجوز قطعه للبيع ممن يعلف به كما في المجموع، لأنه كالطعام الذي أبيح أكله لا يجوز بيعه. ويؤخذ منه كما قال الزركشي وغيره أنا حيث جوزنا أخذ السواك لا يجوز بيعه، وظاهر إطلاقهم جواز أخذه للدواء أنه لا يتوقف على وجود السبب حتى يجوز أخذه ليستعمله عند وجوده، قال الأسنوي: وهو المتجه اه. والمتجه المنع كما قاله الزركشي، لأن ما جاز للضرورة أو للحاجة يقيد بوجودها كما في اقتناء الكلب.
تنبيه: اقتصار المصنف على النبات قد يفهم أن ذلك لا يتعدى لغيره وهو كذلك، فيحرم نقل تراب الحرم وأحجاره وما عمل من طينه كالأباريق وغيرها إلى الحل فيجب رده إلى الحرم بخلاف ماء زمزم كما مر. ونقل تراب الحل إلى الحرم مكروه كما في الروضة أو خلاف الأولى كما في المجموع، وهو الظاهر لعدم ثبوت نهي فيه. ويحرم أخذ طيب الكعبة، فمن أراد التبرك مسحها بطيب نفسه ثم يأخذه، وأما سترها فالامر فيه إلى الامام يصرفه في بعض مصارف بيت المال بيعا وعطاء لئلا يتلف بالبلى، وبهذا قال ابن عباس وعائشة وأم سلمة، وجوزوا لمن أخذه لبسه ولو جنبا وحائضا، والحرم له حدود معروفة نظم بعضهم مسافتها بالاميال في بيتين فقال:
وللحرم التحديد من أرض طيبة ثلاثة أميال إذا رمت إتقانه وسبعة أميال عراق وطائف وجدة عشر ثم تسع جعرانه والسين في سبعة الأولى مقدمة بخلاف الثانية، وزاد بعضهم بيتا ثالثا فقال: