القدر المحاذي للاذن كاللحية في جميع ما ذكر، وإن لم يعلم ذلك من عبارة المصنف. وخرج بالرجل المرأة، فيجب غسل ذلك منها ظاهرا وباطنا وإن كثف لندرة كثافتها، ولأنه يسن لها إزالتها لأنها مثلة في حقها، ومثلها الخنثى في غسل ما ذكر إن لم نجعل ذلك علامة على ذكورته، وهو المعتمد. فإن قيل: إيجاب ذلك في الكثيف عليهما مشكل لأن ذلك وإن كان نادرا لكنه دائم، والقاعدة أن النادر الدائم كالغالب. أجيب بأن القاعدة مختصة بالأعذار المسقطة لقضاء الصلاة كالمستحاضة وسلس البول، وأما غيرها فيلحق نادر كل جنس بغالبه مع أن الاشكال لا يأتي في المرأة للعلة الثانية، ويجب غسل سلعة نبتت في الوجه وإن خرجت عن حده لحصول المواجهة بها. واعلم أن التفصيل المذكور في شعور الوجه إذا كانت في حده، أما الخارجة عنه فيجب غسل ظاهرها وباطنها مطلقا إن خفت كما في العباب، وظاهرها فقط مطلقا إن كثفت كما في الروض، بل عبارته تقتضي أنه يكتفى بغسل ظاهرها وإن كانت خفيفة لكنه غير مراد، وبعضهم قرر في هذه الشعور خلاف ذلك فاحذره. (وفي قول لا يجب غسل خارج عن) حد (الوجه) من لحية وغيرها كالعذار خفيفا كان أم كثيفا لا ظاهرا ولا باطنا، لخروجه عن محل الفرض. ومن له وجهان وكان الثاني مسامتا للأول كما أفتى به شيخي وجب عليه غسلهما كاليدين على عضو واحد أو رأسان كفى مسح بعض أحدهما، والفرق أن الواجب في الوجه غسل جميعه فتجب غسل جميع ما يسمى وجها وفي الرأس بعض ما يسمى رأسا، وذلك يحصل ببعض أحدهما، ذكره في المجموع. (الثالث) من الفروض: (غسل يديه) من كفيه وذراعيه للآية والاجماع. (مع) بفتح العين وتسكن بقلة، (مرفقيه) بكسر الميم وفتح الفاء أفصح من عكسه. أو قدرهما إن فقدا كما نبه عليه في العباب، لما روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه في صفة وضوء رسول الله (ص): أنه توضأ فغسل وجهه فأسبغ الوضوء ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد ثم اليسرى حتى أشرع في العضد إلى آخره، وللاجماع، ولقوله تعالى: * (وأيديكم إلى المرافق) * وجه دلالة الآية على ذلك أن تجعل اليد التي هي حقيقة إلى المنكب على الأصح مجازا إلى المرفق، مع جعل إلى غاية للغسل الداخلة هنا في المغيا بقرينتي الاجماع والاحتياط للعبادة. والمعنى: اغسلوا أيديكم من رؤوس أصابعها إلى المرافق. أو للمعية كما في قوله تعالى: * (من أنصاري إلى الله) * * (ويزدكم قوة إلى قوتكم) *. أو تجعل باقية على حقيقتها إلى المنكب مع جعل إلى غاية إلى الترك المقدر فتخرج الغاية. والمعنى: اغسلوا أيديكم واتركوا منها إلى المرافق. قال البيضاوي في تفسيره: قيل إلى بمعنى مع، أي كما تقدم، أو أن إلى متعلقة بمحذوف تقديره: وأيديكم مضافة إلى المرافق ثم قال: ولو كان كذلك لم يكن لمعنى التحديد ولا لذكره مزيد فائدة لأن مطلق اليد يشتمل عليها أي المرافق. ثم ذكر أقوالا أخر يطول الكلام بذكرها فلتراجع. ولا بد من غسل جزء من العضد ليتحقق غسل اليد وللحديث المذكور، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك.
(فإن قطع بعضه) أي بعض ما يجب غسله من اليدين، واليد مؤنثة. (وجب) غسل (ما بقي) منه لأن الميسور لا يسقط بالمعسور، ولقوله (ص): إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. (أو) قطع (من مرفقيه) بأن سل عظم الذراع وبقي العظمان المسميان برأس العضد. (فرأس عظم العضد) يجب غسله (على المشهور) لأنه من المرفق، بناء على أنه مجموع العظمين والإبرة الداخلة بينهما لا الإبرة وحدها، ومقابله لا يجب غسله بناء على أنه طرف عظم الساعد فقط ووجوب غسل رأس العضد بالتبعية. (أو) قطع من (فوقه) أي المرفق، (ندب) غسل (باقي عضده) لئلا يخلو العضو عن طهارة، ولتطويل التحجيل كما لو كان سليم اليد. وإنما لم يسقط التابع بسقوط المتبوع كرواتب الفرائض أيام الجنون، لأن سقوط المتبوع ثم رخصة فالتابع أولى به، وسقوطه هنا ليس رخصة بل لتعذره فحسن الاتيان بالتابع محافظة على العبادة بقدر الامكان، كإمرار المحرم الموسى على رأسه عند عدم شعره. وإن قطع من منكبيه ندب غسل محل القطع بالماء كما نص عليه الشافعي رضي الله تعالى عنه، وجرى عليه الشيخ أبو حامد وغيره. ويجب غسل شعر على اليدين ظاهرا وباطنا وإن كثف لندرته، وغسل ظفر وإن طال، وغسل باطن ثقب وشقوق فيهما إن لم يكن له غور في اللحم وإلا وجب غسل ما ظهر منه فقط. ويجري هذا في سائر الأعضاء كما يقتضيه كلام المجموع في باب صفة الغسل. وغسل يد زائدة إن نبتت بمحل الفرض ولو من المرفق