مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٧
به. وقيل بفتحها فيهما، وقيل بضمها كذلك وهو أضعفها. وهو اسم مصدر، إذ قياس المصدر التوضؤ بوزن التكلم والتعلم وقد استعمل استعمال المصادر، وهو مأخوذ من الوضاءة: وهي الحسن والنظافة والضياء من ظلمة الذنوب.
وأما في الشرع فهو أفعال مخصوصة مفتتحة بالنية. قال الإمام: وهو تعبدي لا يعقل معناه، لأن فيه مسحا ولا تنظيف فيه، وكان وجوبه مع وجوب الخمس كما رواه ابن ماجة. واختلفوا في خصوصيته بهذه الأمة، وفي موجبه أوجه: أحدها: الحدث وجوبا موسعا. ثانيها: القيام إلى الصلاة ونحوها. ثالثها: هما. وهو الأصح في التحقيق وشرح مسلم، وكلام الرافعي في باب الغسل يقتضي ترجيحه كما مرت الإشارة إليه. وله شروط وفروض وسنن، فشروطه وكذا الغسل ماء مطلق، ومعرفة أنه مطلق ولو ظنا، وعدم الحائل، وجري الماء على العضو، وعدم المنافي من نحو حيض ونفاس في غير أغسال الحج ونحوها، ومس ذكر، وعدم الصارف، ويعبر عنه بدوام النية وإسلام وتمييز. ومعرفة كيفية الوضوء كنظيره الآتي في الصلاة، وإزالة خبث على رأي يأتي، وأن يغسل مع المغسول جزءا يتصل بالمغسول ويحيط به ليتحقق به استيعاب المغسول وتحقق المقتضي للوضوء، فلو شك هل أحدث أو لا فتوضأ ثم بان أنه كان محدثا لم يصح وضوؤه على الأصح. وأن يغسل مع المغسول ما هو مشتبه به، فلو خلق له وجهان أو يدان أو رجلان واشتبه الأصلي بالزائد وجب غسل الجميع. ويزيد وضوء الضرورة باشتراط دخول الوقت ولو ظنا، وتقدم الاستنجاء والتحفظ حيث احتيج إليه. والموالاة بينهما وبينهما وبين الوضوء، وكذا في أفعال الوضوء كما صرح به ابن المقري. وأما فروضه فذكرها بقوله: (فرضه) هو مفرد مضاف فيعم كل فرض منه، أي فروضه كما في المحرر، (ستة) وزاد بعضهم سابعا: وهو الماء الطهور. قال في شرح المهذب: والصواب أنه شرط كما مر. واستشكل بعد التراب ركنا في التيمم. وأجيب بأن التيمم طهارة ضرورة، بل قال بعضهم إنه لا يحسن عد التراب ركنا، لأن الآلة جسم والفعل عرض فكيف يكون الجسم جزءا من العرض؟ والفرض والواجب بمعنى واحد، والمراد هنا الركن لا المحدود في كتب أصول الفقه. (أحدها: نية رفع حدث) عليه، أي رفع حكمه، لأن الواقع لا يرتفع، وذلك كحرمة الصلاة ولو لماسح الخف، لأن القصد من الوضوء رفع المانع فإذا نواه فقد تعرض للمقصود. وإنما نكر الحدث ولم يقل الحدث ليشمل ما لو نوى من عليه أحداث رفع بعضها، فإن الأصح إنه يكفي وإن نفى بعضها لأن الحدث لا يتجزأ فإذا ارتفع بعضه ارتفع كله. وعورض بمثله، ورجع الأول بأن الأسباب لا ترتفع وإنما يرتفع حكمها وهو واحد تعددت أسبابه ولا يجب التعرض لها فيلغو ذكرها. وخرج بقولنا عليه ما لو نوى غيره، كأن بال ولم ينم فنوى رفع حدث النوم، فإن كان عامدا لم يصح أو غالطا صح. وضابط ما يضر الغلط فيه وما لا يضر كما ذكره القاضي وغيره أن ما يعتبر التعرض له جملة وتفصيلا أو جملة لا تفصيلا يضر الغلط فيه، فالأول كالغلط من الصوم إلى الصلاة وعكسه، والثاني كالغلط في تعيين الإمام. وما لا يجب التعرض له لا جملة ولا تفصيلا لا يضر الخطأ فيه، كالخطأ هنا وفي تعيين المأموم حيث لم يجب التعرض للإمامة، أما إذا وجب التعرض لها كإمام الجمعة فإنه يضر. والأصل في وجوب النية قوله (ص) كما في الصحيحين: إنما الأعمال بالنيات أي الأعمال المعتد بها شرعا، ولان الوضوء عبادة محضة طريقها الافعال فلم يصح من غير نية كالصلاة، فاحترز بالعبادة عن الأكل والشرب والنوم ونحو ذلك، وبالمحضة عن العدة، وبطريقة الافعال، قال صاحب البيان: عن الاذان والخطبة، وقيل: عن إزالة النجاسة وستر العورة، فإن طريقها التروك. وحقيقتها لغة القصد، وشرعا قصد الشئ مقترنا بفعله، وحكمها الوجوب كما علم مما مر، ومحلها القلب، والمقصود بها تمييز العبادة عن العادة، كالجلوس للاعتكاف تارة وللاستراحة أخرى، أو تمييز رتبتها كالصلاة تكون للفرض تارة وللنفل أخرى. وشرطها إسلام الناوي، وتمييزه، وعلمه بالمنوي، وعدم إتيانه بما ينافيها بأن يستصحبها حكما. وأن لا تكون معلقة، فلو قال: إن شاء الله تعالى، فإن قصد التعليق أو أطلق لم تصح، وإن قصد التبرك صحت. ووقتها أول الفروض كأول غسل جزء من الوجه هنا كما سيأتي. وإنما لم يوجبوا المقارنة في الصوم لعسر مراقبة الفجر وتطبيق النية عليه. وكيفيتها تختلف بحسب الأبواب، فيكفي هنا نية رفع حدث كما مر. (أو) نية (استباحة) شئ (مفتقر) صحته (إلى طهر) أي وضوء كالصلاة والطواف ومس المصحف، لأن رفع الحدث إنما يطلب
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532