مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٤٤
يعني من الجن، فمطعوم الآدمي أولى، ولان المسح بالحجر رخصة وهي لا تناط بالمعاصي. وأما مطعوم البهائم كالحشيش فيجوز به. والمطعوم لها وللآدمي يعتبر فيه الأغلب، فإن استويا فوجهان بناء على ثبوت الربا فيه، والأصح الثبوت، قاله الماوردي والروياني. وإنما جاز بالماء مع أنه مطعوم لأنه يدفع النجس عن نفسه بخلاف غيره، أما جزء الحيوان المنفصل عنه كشعره فيجوز الاستنجاء به. قال الأسنوي: والقياس المنع في جزء الآدمي. وأما الثمار والفواكه فمنها ما يؤكل رطبا لا يابسا كاليقطين فلا يجوز الاستنجاء به رطبا أو يجوز يابسا إذا كان مزيلا. ومنها ما يؤكل رطبا ويابسا، وهو أقسام، أحدها: مأكول الظاهر والباطن كالتين والتفاح فلا يجوز برطبه ولا يابسه. والثاني: ما يؤكل ظاهره دون باطنه كالخوخ والمشمش وكل ذي نوى فلا يجوز بظاهره ويجوز بنواه المنفصل. والثالث: ما له قشر ومأكوله في جوفه فلا يجوز بلبه، وأما قشره فإن كان لا يؤكل رطبا ولا يابسا كالرمان جاز الاستنجاء به وإن كان حبه فيه، وإن أكل رطبا ويابسا كالبطيخ لم يجز في الحالين، وإن أكل رطبا فقط كاللوز والباقلاء جاز يابسا لا رطبا، ذكر ذلك الماوردي مبسوطا، واستحسنه في المجموع. ويجزئ الحجر بعد الاستنجاء بشئ محترم وغير قالع لم ينقلا النجاسة، فإن نقلاها تعين الماء كما سيأتي. ومن المحترم ما كتب عليه اسم معظم أو علم كحديث وفقه، قال في المهمات: ولا بد من تقييد العلم بالمحترم سواء أكان شرعيا كما مر أم لا كحساب ونحو وطب وعروض فإنها تنفع في العلوم الشرعية، أما غير المحترم كفلسفة ومنطق مشتمل عليها كما قاله بعض المتأخرين فلا، أما غير المشتمل عليها فلا يجوز. وعلى هذا التفصيل يحمل إطلاق من جوزه، وجوزه القاضي بورق التوراة والإنجيل، وهو محمول على ما علم تبديله منهما وخلا عن اسم الله تعالى ونحوه. وألحق بما فيه علم محترم جلده المتصل به دون المنفصل عنه، بخلاف جلد المصحف فإنه يمتنع الاستنجاء به مطلقا. ( وجلد) بالجر عطف على جامد وبالرفع على كل، (دبغ دون غيره في الأظهر) فيهما لأن المدبوغ انتقل بالدبغ عن طبع اللحوم إلى طبع الثياب بدليل جواز بيع جلد بجلدين. وغير المدبوغ محترم لأنه مطعوم، ولهذا يؤكل مع الرؤوس والأكارع وغيرهما، وفيه دسومة تمنع التنشيف أو نجس إن كان غير مأكول، وهذا التفصيل هو المنصوص عليه في الام، والثاني وهو المنصوص عليه في البويطي: يجوز بهما، والثالث وهو المنصوص عليه في حرملة: لا يجوز بهما. ومحل المنع فيما ذكركما قال ابن القطان وغيره: إذا استنجى به من الجانب الذي لا شعر عليه وإلا جاز، إذ لا دسومة فيه وليس بطعام. وشملت عبارة المصنف جلد الحوت الكبير الجاف فيمتنع الاستنجاء به، وقول الأذرعي: الظاهر الجواز به لأنه صار كالمدبوغ بعيد.
تنبيه: كان ينبغي للمصنف تقديم المنع الذي هو من أمثلة المحترم فيقول: فيمتنع بجلد طاهر غير مدبوغ دون كل مدبوغ طاهر في الأظهر، فإن كلامه الآن غير منتظم، لأنه إن كان ابتداء كلام فلا خبر له، وإن كان معطوفا على كل كما قدرته في كلامه وقرئ بالرفع فيكون الجلد المدبوغ قسيما لكل جامد طاهر إلخ فيكون غيره، والفرض أنه بعض منه، وإن كان مجرورا كما قدرته أيضا عطفا على جامد فكان ينبغي أن يقول: ومنه جلد دبغ. أي من أمثلة هذا الجامد جلد دبغ دون جلد غير مدبوغ طاهر في الأظهر.
فائدة: يجوز التدلك وغسل الأيدي بالنخالة ودقيق الباقلاء ونحوه. (وشرط الحجر) وما ألحق به لأن يجزئ، (أن لا يجف النجس) الخارج فإن جف تعين الماء، نعم لو بال ثانيا بعد جفاف بوله الأول ووصل إلى ما وصل إليه الأول كفى فيه الحجر، والغائط المائع كالبول في ذلك. (و) أن (لا ينتقل) عن المحل الذي أصابه عند خروجه واستقر فيه، فإن انتقل عنه بأن انفصل عنه تعين في المنفصل الماء، وأما المتصل بالمحل ففيه تفصيل يأتي. (و) أن (لا يطرأ) عليه (أجنبي) نجسا كان أو طاهرا رطبا ولو بلل الحجر كما شمله إطلاق المصنف. أما الجاف الطاهر فلا يؤثر، وهو ما احترز عنه الشارح بقوله نجس. فإن طرأ عليه ما ذكر تعين الماء، نعم البلل بعرق المحل لا يضر لأنه ضروري، وأن يكون الخارج المذكور من فرج معتاد فلا يجزئ في الخارج من غيره كالخارج بالفصد ولا في منفتح تحت المعدة ولو كان الأصلي منسد، أي إذا كان الانسداد عارضا كما مر، لأن الاستنجاء به على خلاف القياس. ولا في بول خنثى مشكل وإن كان الخارج من أحد قبلية
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532