بعد انفصاله وأنزل أنه إن بقي اسمه أفطر، وإلا فلا، وبذلك أفتى شيخي. قال في المجموع: ولو حك ذكره لعارض سوداء أو حكة فأنزل لم يفطر في الأصح لأنه متولد من مباشرة مباحة. وهذا كله في الواضح، أما المشكل فلا يضر وطؤه وإمناؤه بأحد فرجيه لاحتمال زيادته، وهذا لا ينافي ما تقدم من أن خروج المني من غير طريقه المعتاد كخروجه من طريقه المعتاد لأن ذلك محله إذا انسد الأصلي. (وتكره القبلة) في الفم أو غيره، (إن حركت شهوته) رجلا كان أو امرأة كما هو المتجه في المهمات، بحيث يخاف معه الجماع أو الانزال. والمعانقة واللمس ونحوهما بلا حائل كالقبلة فيما ذكر. (والأولى لغيره) أي لمن تحرك شهوته ولو شابا، (تركها) حسما للباب، إذ قد يظنها غير محركة وهي محركة، ولان الصائم يسن له ترك الشهوات مطلقا. (قلت: هي كراهة تحريم في الأصح) المنصوص (والله أعلم) لأن فيه تعريضا لافساد العبادة، ولخبر الصحيحين: من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه وروى البيهقي بإسناد صحيح عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أنه (ص) رخص في القبلة للشيخ وهو صائم ونهى عنها الشاب، وقال: الشيخ يملك إربه، والشاب يفسد صومه ففهم الأصحاب من التعليل أن الامر دائر مع تحريك الشهوة بالمعنى المذكور. قال الشارح: وعدل هنا وفي الروضة عن قول أصليهما تحرك إلى حركت لما لا يخفى، يعني أنا إذا قلنا تكره القبلة لمن تحرك شهوته يكون ذلك شاملا لمن حركت القبلة شهوته ولمن لم تحرك شهوته، والثاني ليس مرادا، وإذا قلنا لمن حركت شهوته لم تشمل العبارة الثاني كما هو ظاهر.
والحاصل أن تحريك القبلة الشهوة أخص من تحريك الشهوة المطلق. قال بعض المتأخرين: والظاهر أن مراد من عبر بتحريك الشهوة، أي بسبب القبلة، فهو بمعنى التحريك.
فائدة: سأل رجل إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه بقوله:
سل العالم المكي هل في تزاور وضمة مشتاق الفؤاد جناح فأجابه بقوله:
فقلت معاذ الله أن يذهب التقى تلاصق أكباد بهن جراح قال الربيع: فسألت الشافعي كيف أفتى بها، فقال: هذا رجل قد أعرس في هذا الشهر شهر رمضان وهو حدث السن، فسأل: هل عليه جناح أن يقبل أو يضم من غير وطئ؟ فأفتيته بهذه الفتيا اه. ولعل الشافعي غلب على ظنه أن ذلك لا يحرك شهوته. (ولا يفطر بالفصد والحجامة) أما الفصد فلا خلاف فيه، وأما الحجامة فلانه (ص) احتجم وهو صائم واحتجم وهو محرم. رواه البخاري، وروى النسائي: احتجم وهو صائم محرم وهو ناسخ لحديث:
أفطر الحاجم والمحجوم لأنه كما قال الإمام الشافعي متأخر عنه بسنتين وزيادة، وعن أنس قال: مر النبي (ص) على جعفر بن أبي طلحة وهو يحتجم وهو صائم، فقال: أفطر هذان، ثم رخص النبي (ص) بعد في الحجامة للصائم، وكان أنس يحتجم وهو صائم. قال الدارقطني: رواته كلهم ثقات، نعم الأولى تركهما لأنهما يضعفانه.
فائدة: ورد في الحديث: الحجامة على الريق فيها شفاء وبركة وتزيد في العقل وفي الحفظ. (والاحتياط أن لا يأكل آخر النهار إلا بيقين) كأن يعاين الغروب ليأمن الغلط، (ويحل) الاكل آخره (بالاجتهاد) بورد أو غيره (في الأصح) كوقت الصلاة، والثاني: لا، لامكان الصبر إلى اليقين. أما بغير اجتهاد فلا يجوز ولو بظن لأن الأصل بقاء النهار، وقياس اعتماد الاجتهاد جواز اعتماد خبر العدل بالغروب عن مشاهدة، وإن قال في البحر إنه لا يجوز