وخرج بالعين الأثر: كالريح بالشم، وحرارة الماء وبرودته بالذوق، وبالجوف عما لو داوى جرحه الذي على لحم الساق أو الفخذ فوصل الدواء إلى داخل المخ أو اللحم أو غرز فيه حديدة فإنه لا يفطر لأنه ليس بجوف. فإن قيل: يرد على المصنف ما لو دميت لثته فبصق حتى صار ريقه صافيا ثم ابتلعه فإنه يفطر في الأصح مع أنه لم يصل إلى جوفه غير ريقه.
أجيب بأن الريق لما تنجس حرم ابتلاعه وصار بمنزلة العين الأجنبية. (وقيل يشترط مع هذا أن يكون فيه) أي الجوف، (قوة تحيل الغذاء) وهو بكسر الغين والذال المعجمتين يطلق على المأكول والمشروط، (أو الدواء) بالمد وأحد الأدوية لأن ما لا تحيله لا تتغذى به النفس ولا ينتفع به البدن فأشبه الواصل إلى غير الجوف. (فعلى الوجهين باطن الدماغ والبطن والأمعاء) أي المصارين جمع معي بوزن رضا، (والمثانة) بالمثلثة، وهي مجمع البول، (مفطر بالاستعاط) راجع للدماغ، (أو الاكل) راجع للبطن، (أو الحقنة) راجع للأمعاء والمثانة أيضا، فإن البول يعالج بها كما يعالج بها الغائط، ففي كلامه لف ونشر مرتب كما تقرر. وقوله: (أو الوصول من جائفة) يرجع للبطن (أو مأمومة) يرجع للرأس (ونحوهما) لأنه جوف محيل.
تنبيه: كان الأولى التعبير بالاحتقان لأن الحقنة هي الأدوية التي يحتقن بها المريض، والفعل هو الاحتقان كما قاله الجوهري. وقضية قوله كالمحرر والروضة: باطن الدماغ أن وصول عين إلى خريطة الدماغ المسماة أم الرأس دون باطنها المسمى باطن الدماغ أنه لا يفطر، وليس مرادا، بل الصحيح أنه يفطر حتى لو كان برأسه مأمومة فوضع عليها دواء فوصل خريطة الدماغ أفطر وإن لم يصل باطن الخريطة كما حكاه الرافعي عن الامام وأقره، وكذلك الأمعاء لا يشترط باطنها بل لو كان على بطنه جائفة فوضع عليها دواء فوصل جوفه أفطر وإن لم يصل باطن الأمعاء كما جزم به في الروضة. (والتقطير في باطن الاذن) وإن لم يصل إلى الدماغ (و) باطن (الإحليل) وهو مخرج البول من الذكر واللبن من الثدي، وإن لم يصل إلى المثانة ولم يجاوز الحشفة أو الحلمة. (مفطر في الأصح) بناء على الوجه الأول، وهو اعتبار كل ما يسمى جوفا، والثاني:
لا بناء على مقابله إذ ليس فيه قوة الإحالة. وألحق بالجوف على الأول الحلق. قال الامام: ومجاوزة الحلقوم، وينبغي الاحتراز حالة الاستنجاء فإنه لو أدخل طرف أصبعه دبره بطل صومه، وكذا حكم فرج المرأة، ولو طعن نفسه أو طعنه غيره بإذنه فوصل السكين جوفه أو أدخل في إحليله أو أذنه عودا أو نحوه فوصل إلى الباطن بطل صومه.
فرع: لو ابتلع بالليل طرف خيط فأصبح صائما، فإن ابتلع باقيه أو نزعه أفطر، وإن تركه بطلت صلاته.
وطريقه في صحة صومه وصلاته أن ينزع منه وهو غافل، فإن لم يكن غافلا وتمكن من دفع النازع أفطر، لأن النزع موافق لغرض النفس فهو منسوب إليه عند تمكنه من الدفع، وبهذا فارق من طعنه بغير إذنه وتمكن من دفعه.
قال الزركشي: وقد لا يطلع عليه عارف بهذا الطريق ويريد هو الخلاص فطريقه أن يجبره الحاكم على نزعه ولا يفطر لأنه كالمكره، بل لو قيل إنه لا يفطر بالنزع باختياره لم يبعد تنزيلا لايجاب الشرع منزلة الاكراه، كما إذا حلف ليطؤها في هذه الليلة فوجدها حائضا لا يحنث بترك الوطئ اه. هذا القياس ممنوع لأن الحيض لا مندوحة له إلى الخلاص منه، بخلاف ما ذكر. (وشرط الواصل كونه من منفذ) بفتح الفاء كما ضبطه المصنف، كالمدخل والمخرج. (مفتوح فلا يضر وصول الدهن) إلى الجوف (بتسرب المسام) وهي ثقب البدن كما قاله الجوهري، وهي جمع سم بتثليث السين، والفتح أفصح، كما لو طلى رأسه أو بطنه به. كما لا يضر اغتساله بالماء البارد وإن وجد له أثر بباطنه بجامع أن الواصل إليه ليس من منفذ. (ولا) يضر (الاكتحال وإن وجد طعمه) أي الكحل (بحلقه) لأن الواصل إليه من المسام.