لتمام) السنة (الأولى زكاة الثمانين) لأنه ملكها ملكا تاما، ولهذا لو كانت الأجرة أمة حل له وطؤها كما مر، وسقوطها بالانهدام لا يقدح كما في الصداق قبل الدخول، وتقدم الفرق بينهما. ثم محل ما مر إذا تساوت أجرة السنين فإن اختلفت فكل منها بحسابه، لأن الإجارة إذا انفسخت توزع الأجرة المسماة على أجرة المثل في المدتين: الماضية والمستقبلة. قال في المجموع: لو انهدمت الدار في أثناء المدة انفسخت الإجارة فيما بقي فقط وتبينا استقرار ملكه على قسط الماضي، والحكم في الزكاة كما مر. قال الماوردي والأصحاب: فلو كان أخرج زكاة جميع الأجرة قبل الانهدام لم يرجع بما أخرجه عنها عند استرجاع قسط ما بقي، لأن ذلك حق لزمه في ملكه، فلم يكن له الرجوع به على غيره.
فصل: في أداء زكاة المال: كان الأولى أن يترجم له بباب، وكذا للفصل الذي بعده فإنهما غير داخلين في التبويب فلا يحسن التعبير بالفصل، ولهذا عقد في الروضة لهذا الفصل والذي بعده ثلاثة أبواب: بابا في أداء الزكاة، وبابا في تعجيلها، وبابا في تأخيرها. (تجب الزكاة) أي أداؤها (على الفور) لأن حاجة المستحقين إليها ناجزة، (إذا تمكن) من الأداء كسائر الواجبات، ولان التكليف بدونه تكليف بما لا يطاق، فإن أخر أثم وضمن إن تلف كما سيأتي. نعم أداء زكاة الفطر موسع بليلة العيد ويومه كما مر. (وذلك) أي التمكن (بحضور المال) فلا يجب الاخراج عن المال الغائب في موضع آخر، وإن جوزنا نقل الزكاة لاحتمال تلفه قبل وصوله إليه، نعم إن مضى بعد تمام الحول مدة يمكن المضي إلى الغائب فيها صار متمكنا كما قاله السبكي، ويجب عليه الاعطاء. (و) حضور (الأصناف) أي المستحقين أو حضور الامام أو الساعي لاستحالة الاعطاء بدون القابض، وبجفاف الثمار وتنقية الحب والمعدن وخلو المالك من مهم ديني أو دنيوي كصلاة وأكل. وإن حضر بعض المستحقين دون بعض فكل حكمه حتى لو تلف المال ضمن حصتهم، ويجوز تأخيرها ليتروى حيث تردد في استحقاق الحاضرين، وكذا لانتظار قريب أو جار أو أحوج أو أصلح أو لانتظار الأفضل من تفرقته بنفسه أو بالامام أو نائبه إذا لم يشتد ضرر الحاضرين. نعم لو تلف المال حينئذ ضمن. (وله أن يؤدي بنفسه زكاة المال الباطن) وهو النقدان، وعروض التجارة، والركاز كما مر لمستحقه، وإن طلبها الامام. وليس للامام أن يطالبه بقبضها بالاجماع كما قاله في المجموع، نعم إن علم أن المالك لا يزكي فعليه أن يقول له أدها وإلا ادفعها إلي. وكلامه قد يفهم جواز مباشرة السفيه لذلك، وليس مرادا لما سيأتي في الحجر. (وكذا الظاهر) وهو النعم والمعشر والمعدن كما مر: (في الجديد) قياسا على الباطن، والقديم: يجب صرفها إلى الامام أو نائبه لقوله تعالى: * (خذ من أموالهم صدقة) * الآية، وظاهره الوجوب، هذا إن لم يطلبها الامام، فإن طلبها وجب تسليمها إليه وإن كان جائرا بذلا للطاعة، بخلاف زكاة المال الباطن إذ لا نظر له فيها كما مر وإنما ألحق الجائر بغيره لنفاذ حكمه وعدم انعزاله بالجور، فإن امتنعوا من تسليمها إليه قاتلهم وإن قالوا نسلمها للمستحقين بأنفسنا لامتناعهم من بذل الطاعة. (وله) مع الأداء بنفسه في المالين (التوكيل) فيه لأنه حق مالي، فجاز التوكيل في أدائه كديون الآدميين. وقضية إطلاقه جواز توكيل الكافر والرقيق والسفيه والصبي المميز، لكن يشترط في الكافر والصبي تعيين المدفوع إليه كما في البحر، وذكر البغوي مثله في الصبي ولم يتعرض للكافر. (والصرف) بنفسه أو وكيله (إلى الامام) أو الساعي لأنه نائب المستحقين، فجاز الدفع إليه، ولأنه (ص) والخلفاء بعده كانوا يبعثون السعاة لاخذ الزكوات. (والأظهر أن الصرف إلى الامام أفضل) من تسليم المالك بنفسه أو وكيله إلى المستحقين