مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١٩٨
وتصفق المرأة) ومثلها الخنثى، (بضرب) بطن (اليمين على ظهر اليسار) أو عكسه، أو بضرب ظهر اليمين على بطن اليسار، أو عكسه، فهذه أربع صور تناولها قول التحقيق تصفق بظهر كف على بطن أخرى ونحوه لا بطن على بطن، فتناول كلامه أولا جواز الضرب بظهر اليمنى على بطن اليسرى وبظهر اليسرى على بطن اليمنى، وقوله: ونحوه عكسهما وهو الضرب ببطن اليمنى على ظهر اليسرى وبطن اليسرى على ظهر اليمنى، وأما الضرب ببطن إحداهما على بطن الأخرى فقال الرافعي: لا ينبغي فإنه لعب، ولو فعلته على وجه اللعب عالمة بالتحريم بطلت صلاتها وإن كان قليلا فإن اللعب ينافي الصلاة اه‍. ويؤخذ من ذلك أنها إذا فعلت فعلة من الصور الأربع على وجه اللعب كان الحكم كذلك، وهو كذلك، وإنما نصوا على هذه لأن الغالب أن اللعب لا يقصد إلا بها. وقد أفتى شيخي في شخص أقام إصبعه الوسطى وهو في صلاته لشخص لاعبا معه بأن صلاته تبطل، والأصل في ذلك خبر الصحيحين: من نابه شئ في صلاته فليسبح، وإنما التصفيق للنساء ومثلهن الخناثى كما مر. وقد تقدم أنه لا بد أن يقصد بذلك الذكر مع التفهيم فإن قصد التفهيم فقط بطلت صلاته، وإن قال في المهذب إنها لا تبطل لأنه مأمور به، وسكت عليه المصنف، وكذا إن أطلق. فإن قيل:
قد أطلق المصنف استحباب الانذار، وهو تارة يكون واجبا كإنذار الأعمى، وتارة يكون مستحبا كتنبيه إمامه إذا هم بترك مستحب كالتشهد الأول، وتارة يكون مباحا كإذنه لداخل. أجيب بأنه إنما أراد التفرقة بين حكم الرجال والنساء بالنسبة إلى التسبيح والتصفيق ولم يرد بيان حكم التنبيه، وعلى هذا يفوته حكم التنبيه هل هو واجب أو مندوب أو مباح؟ ولا ريب أنه مندوب لمندوب كالمثال الأول في المتن، ومباح لمباح كالمثال الثاني، وواجب لواجب كالمثال الثالث وما ألحق به، فلو صفق الرجل وسبحت المرأة جاز لكن خالفا السنة كما هو قضية كلام المصنف. قال الزركشي: وقد أطلقوا التصفيق للمرأة ولا شك أن موضعه إذا كانت بحضرة رجال أجانب، فلو كانت بحضرة النساء أو الرجال المحارم فإنها تسبح كالجهر بالقراءة بحضرتهم، والمعتمد إطلاق كلام الأصحاب، وإن وافقه شيخنا على هذا البحث في شرح الروض ولم يعزه له. وظاهر كلامهم أن تصفيق المرأة لا يضر إذا كثر وتوالى عند الحاجة إليه، وهو كذلك كما في الكفاية، وإن قال بعض المتأخرين إنه يضر.
فإن قيل: دفع المار إذا توالى وكثر يضر فهلا كان هذا كذلك أجيب بأن هذا فعل خفيف فاغتفر فيه التوالي مع الكثرة، كتحريك الأصابع بسبحة إن لم تحرك كفها وإلا فكتحريك الكف للجرب بجامع الحاجة وهو لا يضر، بل قال الزركشي:
إن تحريك الكف كتحريك الأصابع، وسيأتي ما فيه. وإذا لم يحصل الانذار الواجب إلا بالفعل المبطل أو بالكلام وجب وبطلت صلاته بالأول وكذا بالثاني على الأصح في الروضة وأصلها، وهو المعتمد، وإن قال في التحقيق بالصحة واقتضاه كلام المجموع إذا لم يمكن إلا به. (ولو فعل في صلاته غيرها) أي فعل فيها غير ما شرع فيها، (إن كان) المفعول (من جنسها) أي من جنس أفعالها، كزيادة ركوع أو سجود أو قعود أو قيام وإن لم يطمئن لا على وجه المتابعة من المسبوق. (بطلت) صلاته لتلاعبه، لكن لو جلس من اعتداله قدر جلسة الاستراحة ثم سجد أو جلس من سجود التلاوة للاستراحة قبل قيامه لم يضر لأن هذه الجلسة معهودة في الصلاة غير ركن، بخلاف نحو الركوع فإنه لم يعهد فيها إلا ركنا فكان تأثيره في تغيير نظمها أشد. نعم لو انتهى من قيامه إلى حد الركوع لقتل نحو حية لم يضر كما قاله الخوارزمي، وكذا لو فعل ما ذكر ناسيا كما قال: (إلا أن ينسى) لأنه (ص) صلى الظهر خمسا وسجد للسهو ولم يعدها، رواه الشيخان. والجهل مع قرب العهد بالاسلام أو البعد عن العلماء كالنسيان كما قاله الأذرعي، وقال في الأنوار: لو فعل ما لا يقتضى سجود سهو فظن أنه يقتضيه وسجد لم تبطل إن كان جاهلا لقرب عهده بالاسلام أو لبعده عن العلماء. أما ما فعله على وجه المتابعة لإمامه فلا يضر، كأن اقتدى بمن اعتدل من الركوع فإنه يلزمه متابعته في الزائد، ولو ركع أو سجد قبل الإمام كان له العود ثانيا كما سيأتي في صلاة الجماعة إن شاء الله تعالى، ولا يضر ذلك وإن صدق عليه أنه زاد ركوعا أو سجودا لأجل المتابعة. ولو قرأ في صلاته آية سجدة فهوى ليسجد حتى وصل لحد الركوع ثم بدا له فتركه جاز كقراءة بعض التشهد الأول. ولو سجد
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532