ترتيبه) أي الفائت فيقضي الصبح قبل الظهر وهكذا، خروجا من خلاف من أوجبه. (و) يسن (تقديمه على الحاضرة التي لا يخاف فوتها) محاكاة للأداء وللخروج من خلاف من أوجب ذلك أيضا، ولأنه (ص) فاتته صلاة العصر يوم الخندق فصلاها بعد الغروب ثم صلى المغرب، متفق عليه. فإن لم يرتب ولم يقدم الفائتة جاز، لأن كل واحدة عبادة مستقلة. والترتيب إنما وجب في الأداء لضرورة الوقت، فإنه حين وجب الصبح لم يجب الظهر فإذا فات لم يجب الترتيب في قضائه كصوم رمضان، وفعله (ص) المجرد إنما يدل عندنا على الاستحباب، فإن خاف فوت الحاضرة لزمه البداءة بها لئلا تصير فائتة أيضا. وتعبيره ب لا يخاف فوتها صادق بما إذا أمكنه أن يدرك ركعة من الحاضرة فيسن تقديم الفائت عليها في ذلك أيضا، وبه صرح في الكفاية وهو المعتمد كما جرى عليه شيخنا في شرح منهجه، وإن اقتضت عبارة الروضة كالشرحين خلافه. ويحمل إطلاق تحريم إخراج بعض الصلاة عن وقتها على غير هذا ونحوه. ولو تذكر فائتة بعد شروعه في حاضره وجب إتمامها ضاق الوقت أو اتسع، ولو شرع في فائتة معتقدا سعة الوقت فبان ضيقه عن إدراكها أداء وجب قطعها، ولو خاف فوت جماعة حاضرة فالأفضل عند المصنف الترتيب للخلاف في وجوبه. فإن قيل: لم يراع الخلاف في صلاة الجماعة، فقد قيل بوجوبها أيضا، ولذلك رجحه الأسنوي ونقله عن جماعة. أجيب بأن الخلاف في الترتيب خلاف في الصحة، بخلافه في الجماعة.
تنبيه: قد أطلقوا استحباب ترتيب الفوائت، وهو ظاهر إذا فاتت كلها بعذر أو غيره، فإن فات بعضها بعذر وبعضها بغير عذر وجب قضاء ما فات بلا عذر على الفور كما مر. وحينئذ فقد يقال تجب البداءة به. وقد تعارض خلافان: أحدهما قول أبي حنيفة: يجب الترتيب، والثاني قولنا: يجب قضاء الفائت بلا عذر على الفور، ومراعاة الثاني أولى فيجب تقديمها.
ويجب تقديمها أيضا على الحاضرة عند سعة وقتها كما بحثه الأذرعي، وهو ظاهر. قال في المجموع: ويسن إيقاظ النائم للصلاة ولا سيما إذا ضاق وقتها، ففي سنن أبي داود: أن النبي (ص) خرج يوما إلى الصلاة فلم يمر بنائم إلا أيقظه. وكذا إذا رآه أمام المصلين أو كان نائما في الصف الأول أو محراب المسجد أو كان نائما على سطح لا حجاز له لورود النهي عنه، أو كان نائما بعضه في الشمس وبعضه في الظل، أو كان نائما بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس، أو كان نائما قبل صلاة العشاء أو بعد صلاة العصر، أو نام خاليا وحده، أو كانت المرأة نائمة مستلقية ووجهها إلى السماء، أو نام الرجل منبطحا فإنها ضجعة يبغضها الله. ويستحب أن يوقظ غيره لصلاة الليل وللتسحر والنائم بعرفات وقت الوقوف لأنه وقت طلب وتضرع. قال الأسنوي: وهذا بخلاف ما لو رأى شخصا يتوضأ بماء نجس فإنه يلزمه إعلامه كما قاله الحليمي في شعب الايمان بكسر الهمزة. (وتكره الصلاة عند الاستواء) كراهة تحريم كما صححه في الروضة والمجموع هنا وإن صححه في التحقيق، وفي الطهارة من المجموع أنها كراهة تنزيه لما روى مسلم عن عقبة بن عامر: ثلاث ساعات كان رسول الله (ص) ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف (الشمس) للغروب (حتى تغرب) فالظهيرة شدة الحر، وقائمها هو البعير يكون باركا فيقوم من شدة حر الأرض، وتضيف بتاء مثناة من فوق ثم ضاد معجمة ثم مثناة من تحت مشددة: أي تميل. وتزول الكراهة بالزوال. ووقت الاستواء لطيف لا يتسع لصلاة ولا يكاد يشعر به حتى تزول الشمس، إلا أن التحريم يمكن إيقاعه فيه فلا تصح الصلاة (إلا يوم الجمعة) لاستثنائه في خبر أبي داود وغيره، والأصح جواز الصلاة في هذا الوقت مطلقا سواء أحضر إلى الجمعة أم لا، وقيل: يختص بمن حضر الجمعة، وصححه جماعة، وقيل: يختص بمن حضر وغلبه النعاس فيدفعه بركعتين. (و) تكره أيضا (بعد) طلوع الشمس صلى الصبح أم لا، وبعد صلاة (الصبح) أداء (حتى ترتفع الشمس) فيهما (كرمح) في رأي العين وإلا فالمسافة بعيدة، (و) بعد اصفرار الشمس حتى تغرب صلى العصر أم لا، وبعد صلاة (العصر) أداء ولو مجموعة في وقت الظهر، (حتى تغرب) للنهي عنها بعد الصلاتين في الصحيحين عن