العينية من الصلاة في كل يوم وليلة، (خمس) معلومة من الدين بالضرورة. والأصل فيها قبل الاجماع آيات، كقوله تعالى: * ( وأقيموا الصلاة) * أي حافظوا عليها دائما بإكمال واجباتها وسننها، وقوله تعالى: * (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) * أي محتمة مؤقتة، وأخبار في الصحيحين كقوله (ص): فرض الله على أمتي ليلة الاسراء خمسين صلاة فلم أزل أراجعه وأسأله التخفيف حتى جعلها خمسا في كل يوم وليلة، وقوله للاعرابي: خمس صلوات في اليوم والليلة قال الاعرابي: هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع، وقوله ل معاذ حين بعثه إلى اليمن: أخبرهم أن الله تعالى قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة. وأما وجوب قيام الليل فنسخ في حقنا، وهل نسخ في حقه (ص)؟ أكثر الأصحاب لا، والصحيح نعم، ونقله الشيخ أبو حامد عن النص، وسيأتي بيانه في باب النكاح إن شاء الله تعالى. وخرج بقولنا العينية صلاة الجنازة، لكن الجمعة من المفروضات العينية ولم تدخل في كلامه إلا إذا قلنا إنها بدل عن الظهر، وهو رأي والأصح أنها صلاة مستقلة. وكان فرض الخمس ليلة المعراج كما مر قبل الهجرة بسنة، وقيل بستة أشهر.
فائدة: في شرح المسند للرافعي أن الصبح كانت صلاة آدم، والظهر كانت صلاة داود، والعصر كانت صلاة سليمان، والمغرب كانت صلاة يعقوب، والعشاء كانت صلاة يونس، وأورد في ذلك خبرا، فجمع الله سبحانه وتعالى جميع ذلك لنبينا (ص) ولامته تعظيما له ولكثرة الأجور له ولامته. ولما كانت الظهر أول صلاة ظهرت لأنها أول صلاة صلاها جبريل عليه الصلاة والسلام بالنبي (ص) وقد بدأ الله تعالى بها في قوله: * (أقم الصلاة لدلوك الشمس) * بدأ المصنف بها، فقال: (الظهر) أي صلاة الظهر، سميت بذلك لأنها تفعل في وقت الظهيرة، أي شدة الحر، وقيل: لأنها ظاهرة وسط النهار، وقيل: لأنها أول صلاة ظهرت. فإن قيل: تقدم أن الصلوات الخمس فرضت ليلة الاسراء فلم لم يبدأ بالصبح؟ أجيب بجوابين: الأول أنه حصل التصريح بأن أول وجوب الخمس من الظهر، قاله في المجموع. الثاني: أن الاتيان بالصلاة متوقف على بيانها ولم يبين إلا عند الظهر، ولما صدر الأكثرون تبعا للشافعي رضي الله تعالى عنه الباب بذكر المواقيت لأن بدخولها تجب الصلاة، وبخروجها تفوت. والأصل فيها قوله تعالى: * (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون) * قال ابن عباس: أراد ب حين تمسون صلاة المغرب والعشاء، وبحين تصبحون صلاة الصبح، وب عشيا صلاة العصر، وب حين تظهرون صلاة الظهر. وخبر: أمني جبريل عند البيت مرتين، فصلى بي الظهر حين زالت الشمس وكان الفئ قدر الشراك، والعصر حين كان ظله - أي الشئ - مثله، والمغرب حين أفطر الصائم - أي دخل وقت إفطاره - والعشاء حين غاب الشفق، والفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم. فلما كان الغد صلى بي الظهر حين كان ظله مثله والعصر حين كان ظله - مثليه والمغرب حين أفطر الصائم والعشاء إلى ثلث الليل، والفجر فأسفر، وقال: هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت ما بين هذين الوقتين رواه أبو داود وغيره. وقوله: صلى بي الظهر حين كان ظله مثله أي فرغ منها حينئذ كما شرع في العصر في اليوم الأول حينئذ، قاله الشافعي رضي الله تعالى عنه نافيا به اشتراكهما في وقت، ويدل له خبر مسلم: وقت الظهر إذا زالت الشمس ما لم تحضر العصر. وتبعهم المصنف، فقال: (وأول وقته) أي الظهر (زوال الشمس) أي وقت زوالها، يعني يدخل وقتها بالزوال كما عبر به في الوجيز وغيره، وهو ميل الشمس عن وسط السماء المسمى بلوغها إليه بحالة الاستواء إلى جهة المغرب، لا في الواقع بل في الظاهر لأن التكليف إنما يتعلق به، وذلك بزيادة ظل الشئ على ظله حالة الاستواء أو بحدوثه إن لم يبق عنده ظل، قال في الروضة: كأصلها، وذلك يتصور في بعض البلاد كمكة وصنعاء اليمن في أطول أيام السنة. فلو شرع في التكبير قبل ظهور الزوال ثم ظهر الزوال عقب التكبير أو في أثنائه لم يصح الظهر وإن كان التكبير حاصلا بعد الزوال في نفس الامر، وكذا الكلام في الفجر وغيره. (وآخره) أي وقت الظهر (مصير ظل الشئ مثله سوى ظل استواء الشمس) الموجود عند الزوال. وإذا أردت معرفة الزوال فاعتبره بقامتك أو شاخص تقيمه في أرض مستوية وعلم على