وضعيفا وإن تقدم الضعيف على القوي، فإن جاوز الخمسة عشر ردت كل منهما إلى مردها وقضت كل منهن صلاة وصوم ما زاد على مردها. ثم في الشهر الثاني وما بعده يتركن التربص ويصلين ويفعلن ما تفعله الطاهرات فيما زاد على مردهن، لأن الاستحاضة علة مزمنة، فالظاهر دوامها. فإن شفين في دور قبل مجاوزة أكثر الحيض كان الجميع حيضا كما في الشهر الأول فيعدن الغسل لتبين عدم صحته لوقوعه في الحيض. ثم شرع في المستحاضة الخامسة وهي المتحيرة، فقال:
(أو) كانت من جاوز دمها أكثر الحيض (متحيرة) سميت بذلك لتحيرها في أمرها، وتسمى المحيرة أيضا بكسر الياء لأنها حيرت الفقيه في أمرها، وفي المستحاضة غير المميزة. ولها ثلاثة أحوال، لأنها إما أن تكون ناسية للقدر والوقت، أو للقدر دون الوقت، أو بالعكس. وقد شرع في القسم الأول فقال: (بأن نسيت عادتها قدرا ووقتا) لنحو غفلة أو جنون، وهي المتحيرة المطلقة، (ففي قول كمبتدأة) بجامع فقد العادة والتمييز، فيكون حيضها من أول الوقت الذي عرفت ابتداء الدم فيه أقل الغالب أو غالبه كما سبق. وقيل: هنا ترد إلى غالبه قطعا، فإن لم نعرف وقت ابتداء الدم أو كانت مبتدأة أو نسيت وقت ابتداء الدم كما سبق، فحيضها من أول كل هلال ودورها شهر هلالي، ومتى أطلق الشهر في المستحاضة فالمراد ثلاثون يوما إلا في هذا الموضع. (والمشهور وجوب الاحتياط) بما يجئ، إذ كل زمن يحتمل الحيض والطهر فاشتبه حيضها بغيره ولا يمكن التبعيض من غير معرفة أوله ولا جعلها طاهرا أبدا في كل شهر لقيام الدم ولا حائضا أبدا في كل شهر لقيام الاجماع على بطلانه، فتعين الاحتياط للضرورة لا لقصد التشديد عليها. (فيحرم) على الحليل (الوطئ) والاستمتاع بما بين سرتها وركبتها كما مر في الحائض لاحتمال الحيض. وقيل: يجوز ذلك، لأن الاستحاضة علة مزمنة والتحريم دائما موقع في الفساد. وعلى الأول يستمر وجوب النفقة على الزوج وإن منع من الوطئ، ولا خيار له في فسخ النكاح، لأن وطئها متوقع وعدتها إذا لم تكن حاملا بثلاثة أشهر في الحال لتضررها بطول الانتظار إلى سن اليأس، وإن ذكرت الأدوار فعدتها ثلاثة منها. ولا تجمع تقديما لسفر ونحوه، لأن شرطه تقدم الأولى صحيحة يقينا أو بناء على أصل ولم يوجد هنا. ولا تؤم في صلاتها بطاهر ولا متحيرة بناء على وجوب القضاء عليها، ولا يلزمها الفداء عن صومها إن أفطرت للرضاع لاحتمال كونها حائضا، وسيأتي إن شاء الله تعالى التنبيه على هذه المسائل في أبوابها، وإنما جمعناها هنا لنحفظ.
(و) يحرم عليها (مس المصحف) وحمله كما علم بالأولى، (والقراءة في غير الصلاة) لاحتماله أيضا، أما في الصلاة فجائزة مطلقا. وقيل: تباح لها القراءة مطلقا خوف النسيان بخلاف الجنب لقصر زمن الجنابة. وقيل: تحرم الزيادة على الفاتحة في الصلاة كالجنب الفاقد للطهورين، وفرق الأول بأن الجنب مدته محقق بخلافها، وشمل كلامه تحريم المكث في المسجد عليها وبه صرح في أصل الروضة. قال في المهمات: وهو متجه إذا كان لغرض دنيوي أو لا لغرض، فإن كان للصلاة فكقراءة السورة فيها أو لاعتكاف أو طواف فكالصلاة فرضا أو نفلا. قال: ولا يخفى أن محل ذلك إذا أمنت التلويث. واعتمد ذلك شيخي. وتطوف الفرض، (وتصلي الفرائض أبدا) وجوبا فيهما لاحتمال طهرها، ولا فرق في ذلك بين المكتوب والمنذور. قال الأسنوي: والقياس أن صلاة الجنازة كذلك. (وكذا النفل) أي لها صلاته وطوافه وصيامه (في الأصح) لأنه من مهمات الدين، فلا وجه لحرمانها منه. والثاني: لأنه لا ضرورة إليه كمس المصحف والقراءة في غير الصلاة. وقيل:
تصلي الراتبة دون غيرها. قال الدميري: واقتضى إطلاق المصنف إنه لا فرق في جواز النقل لها بين أن يبقى وقت الفريضة أو يخرج، وهو الأصح في زوائد الروضة، وخالف في شرح المهذب والتحقيق وشرح مسلم، فصحيح الجميع عدم الجواز بعد خروج الوقت اه. أي لأن حدثها يتجدد ونجاستها تتزايد، ومع هذا فما في الزوائد أوجه، وقضية سكوت المصنف عن قضاء الصلاة بعد فعلها في الوقت وتصريحه بوجوب قضاء الصوم أنه لا يجب قضاؤها وهو ما في البحر عن النص.
وقال في المجموع: إنه ظاهر نص الشافعي، لأنه نص على وجوب قضاء الصوم دون الصلاة، قال: وبذلك صرح الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب وابن الصباغ وجمهور العراقيين وغيرهم، لأنها إن كانت حائضا فلا صلاة عليها أو طاهرا فقد