مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١١٠
نهت السائل عن ذلك ولان القضاء محله فيما أمر بفعله. وعن ابن الصلاح والروياني و العجلي: أنه مكروه، بخلاف المجنون والمغمى عليه فيسن لهما القضاء اه‍. والأوجه كما قاله شيخنا عدم التحريم، ولا يؤثر فيه نهي عائشة رضي الله عنها.
والتعليل المذكور منتقض بقضاء المجنون والمغمى عليه، وعلى هذا تنعقد صلاتها أو لا؟ فيه نظر، والأوجه عدم الانعقاد، لأن الأصل في الصلاة إذا لم تكن مطلوبة عدم الانعقاد ووجوب القضاء عليها في الصوم بأمر جديد من النبي (ص) فلم يكن واجبا حال الحيض والنفاس كما مر لأنها ممنوعة منه، والمنع والوجوب لا يجتمعان. وثالثها: الطلاق من ممسوسة كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى، لقوله عز وجل: * (إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن) * أي في الوقت الذي يشرعن فيه في العدة، والمعنى فيه تضررها بطول المدة فإن زمن الحيض لا يحسب من العدة فإن كانت حاملا لم يحرم طلاقها، لأن عدتها إنما تنقضي بوضع الحمل. ورابعها: الطهارة لرفع الحدث، فتحرم عليها إذا قصدت التعبد بها مع علمها بأنها لا تصح لتلاعبها. أما الطهارة المقصودة للتنظيف كأغسال الحج، فإنها تأتي بها كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى.
(و) خامسها: أنه يحرم الوطئ في فرجها ولو بحائل والمباشرة ب‍ (- ما بين سرتها وركبتها) ولو بلا شهوة، لقوله تعالى: * (فاعتزلوا النساء في المحيض) *، ولخبر أبي داود بإسناد جيد أنه (ص) سئل عما يحل للرجل من امرأته وهي حائض، فقال: ما فوق الإزار وخص بمفهومه عموم خبر مسلم: اصنعوا كل شئ إلا النكاح ولان الاستمتاع بما تحت الإزار يدعو إلى الجماع فحرم لخبر:
من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه. (وقيل لا يحرم غير الوطئ) واختاره في التحقيق لخبر مسلم السابق بجعله مخصصا لمفهوم خبر أبي داود. قال شيخنا: وما قاله الأصحاب أوجه لما فيه من رعاية الأحوط للخبر السابق. وخرج بما بين السرة والركبة هما وباقي الجسد فلا يحرم الاستمتاع بهما. وعبرت بالمباشرة تبعا للتحقيق والمجموع ليخرج الاستمتاع بالنظر ولو بشهوة، فإنه لا يحرم إذ ليس هو أعظم من تقبيلها في وجهها بشهوة. وعبر الرافعي في الشرحين والمحرر وتبعه في الروضة بالاستمتاع، وهو يشمل النظر واللمس بشهوة، قال الأسنوي: فبين التعبير بالاستمتاع والمباشرة عموم وخصوص من وجه، أي لأن المباشرة لا تكون إلا باللمس سواء أكان بشهوة أم لا، والاستمتاع يكون باللمس والنظر ولا يكون إلا بشهوة.
قال: وسكتوا عن مباشرة المرأة للزوج، والقياس أن مسها للذكر ونحوه من الاستمتاعات المتعلقة بما بين السرة والركبة حكمه حكم تمتعاته بها في ذلك المحل اه‍. والصواب كما قاله بعض المتأخرين في نظم القياس أن نقول: كل ما منعناه منه تمنعها أن تلمسه به، فيجوز له أن يلمس بجميع بدنه سائر بدنها إلا ما بين سرتها وركبتها، ويحرم عليه تمكينها من لمسه بما بينهما.
ووطئ الحائض في الفرج كبيرة من العامد العالم بالتحريم المختار، يكفر مستحله كما في المجموع عن الأصحاب وغيرهم، بخلاف الجاهل والناسي والمكره، لخبر: إن الله تعالى تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وهو حسن رواه البيهقي وغيره. ويسن للواطئ المتعمد المختار العالم بالتحريم في أول الدم وقوته التصدق بمثقال إسلامي من الذهب الخالص، وفي آخر الدم وضعفه بنصف مثقال لخبر: إذا واقع الرجل أهله وهي حائض إن كان دما أحمر فليتصدق بدينار وإن كان أصفر فليتصدق بنصف دينار رواه أبو داود والحاكم وصححه. ويقاس النفاس على الحيض. ولا فرق في الواطئ بين الزوج وغيره، فغير الزوج مقيس على الزوج الوارد في الحديث. والوطئ بعد انقطاع الدم إلى الطهر كالوطئ في آخر الدم ذكره في المجموع، ويكفي التصدق ولو على فقير واحد، وإنما لم يجب لأنه وطئ محرم للأذى إذ لا يجب به كفارة كاللواط، ويستثنى من ذلك المتحيرة فلا كفارة بوطئها وإن حرم، ولو أخبرته بحيضها ولم يمكن صدقها لم يلتفت إليها، وإن أمكن وصدقها حرم وطؤها، وإن كذبها فلا لأنها ربما عائدته ولان الأصل عدم التحريم بخلاف ما لو علق به طلاقها وأخبرته به فإنها تطلق وإن كذبها لتقصيره بتعليقه بما لا يعرف إلا من جهتها. ولا يكره طبخها ولا استعمال ما مسته من ماء أو عجين أو نحوه. (فإذا انقطع) دم الحيض ومثله النفاس لزمن إمكانه ارتفع عنها سقوط الصلاة، و (لم يحل) مما حرم به (قبل الغسل) أو التيمم (غير الصوم) لأن تحريمه بالحيض لا بالحدث بدليل صحته من الجنب وقد زال. (و) غير (الطلاق) المزيد على المحرر، لزوال المعنى المقتضي للتحريم، وهو تطويل العدة وغير الطهر، فإنها مأمورة به وغير الصلاة المكتوبة إذا فقدت الطهورين،
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532