استوفى القصاص وإن لم يذهب الضوء استوفى بما يمكن استيفاء ذلك بمثله من حديدة قد أحمى في النار أو كافور أو دواء يذر فيها.
فإن لطم غيره وذهب ضوء عينه وابيضت وشخصت لطم مثلها، فإن ذهب الضوء وحصل البياض والشخوص فيها فقد استوفى الحق وإن ذهب الضوء ولم يحصل البياض والشخوص وأمكن أن يعالج بما حصل به ذلك كان له فعله، فإن لم يتمكن ذلك لم يكن فيه شئ.
وإذا ذهب شعر الرأس فلم يعد كان فيه الدية كاملة وكذلك شعر اللحية، فأما شعر الحاجبين فمضمون بنصف الدية وكذلك شعر أشفار العينين، وما عدا ذلك من الشعر ففيه حكومة.
وإذا جرح غيره ثم إن المجروح قطع من مكان الجرح لحما وسرى ذلك إلى نفسه فإن كان اللحم الذي قطعه حيا كان على الجاني القود لأنه هلك من عمل بين أحدهما مضمون والآخر هدر، فإن كان اللحم المقطوع ميتا كان قطع هذا اللحم لا تأثير له لأنه لا سراية فيه وكان على الجاني القود.
وإذا قطع يد رجل وفي اليد إصبعان شلاوان وثلاث أصابع سليمة ليس فيها شئ من الشلل لم يلزم القاطع قود لأن الاعتبار في لزوم ذلك في الأطراف إنما يكون بالتكافؤ فيها واليد الشلاء لا تكافئ الصحيحة فإذا لم يلزم هذا القاطع قود لما ذكرناه، ورضي الجاني بأن يقطع يده بتلك اليد لم يجز ذلك لأن القود إذا لم يجب في الأصل لم يجز استيفاؤه بالبدل، وهذا يبين بالحر إذا قتل عبدا وقال الحر:
قد رضيت بأن يقتله (يقتلني - ظ) سيده، في أنه لا يجوز قتله ولا يعتبر رضاه في ذلك، وللمجني عليه القصاص في الأصابع الثلاثة السليمة ويكون مخيرا بين العفو والاستيفاء، فإن عفا عن القصاص أخذ في السليمة ثلاثين من الإبل ويأخذ في الشلاوين ثلث ديتهما صحيحتين.
إذا قطع أنملة من إصبع وكانت الأنملة هي العليا ثم يقطع المجني عليه الأنملة التي تحتها وسرى ذلك إلى نفسه كان عليه القود، ولا فرق بين أن يكون المجني