وأما الرشد فهو كيفية نفسانية تمنع من إفساد المال وصرفه في غير الوجوه اللائقة بأفعال العقلاء ولا تعتبر العدالة، ويعلم باختباره بما يناسبه من التصرفات، فإذا عرف فيه جودة المعاملة وعدم المغابنة إن كان تاجرا والمحافظة على ما يتكسب به والملازمة إن كان صانعا وأشباه ذلك في الذكر، والاستغزال والاستنساج في الأنثى إن كانت من أهلهما وأشباهه حكم بالرشد، وفي صحة العقد حينئذ إشكال، ولا يزول الحجر بفقد أحد الوصفين وإن طعن في السن، ويثبت الرشد في الرجال بشهادتهم وفي النساء بها وبشهادتهن، وصرف المال إلى وجوه الخيرات ليس بتبذير وصرفه في الأغذية النفيسة التي لا يليق بحاله تبذير.
وولي الصبي أبوه أو جده لأبيه وإن علا ويشتركان في الولاية، فإن فقدا فالوصي فإن فقد فالحاكم، ولا ولاية للأم ولا لغيرها من الإخوة والأعمام وغيرهم عدا من ذكرنا، وإنما يتصرف الولي بالغبطة، فلو اشترى لا معها لم يصح ويكون الملك باقيا للبائع والوجه أن له استيفاء القصاص والعفو على مال لا مطلقا، ولا يعتق عنه إلا مع الضرورة كالخلاص من نفقة الكبير العاجز، ولا يطلق عنه بعوض ولا غيره ولا يعفو عن الشفعة إلا لمصلحة ولا يسقط مالا في ذمة الغير، وله أن يأكل بالمعروف مع فقره وأن يستعفف مع الغناء والوجه أنه لا يتجاوز أجرة المثل.
ويجب حفظ مال الطفل واستنماؤه قدرا لا تأكله النفقة على إشكال، فإن تبرم الولي به فله أن يستأجر من يعمل، ويستحب له البيع إذا طلب متاعه بزيادة مع الغبطة وكذا يستحب شراء الرخيص، وإذا تبرع أجنبي بحفظ مال الطفل لم يكن للأب أخذ الأجرة على إشكال، وله أن يرهن ماله عند ثقة لحاجة الطفل والمضاربة بماله وللعامل ما شرط له. وهل للوصي أن يتجر بنفسه مضاربة؟ فيه إشكال ينشأ من أن له الدفع إلى غيره فجاز لنفسه، ومن أن الربح نماء مال اليتيم فلا يستحق عليه إلا بعقد.