أو في ضرب من حميات الأخلاط نذكره فان الأسباب البادية قد تحرك كثيرا المتقادمة فان حركتها إلى العفونة كانت حميات عفونة ومن الناس من زعم أن حمى يوم لا يكون الا من بعد تعب البدن أو الروح وذلك غلط وهذه الحميات في أكثر الامر تزول في يوم واحد وقلما تجاوز ثلاثة أيام فان جاوزت ذلك القدر حدث من أمرها انها انتقلت ومعنى الانتقال ان تشبث الحرارة جاوز الروح إلى بدن أو خلط على أن من الناس من ذكر أنها ربما بقيت ستة أيام وانقضت انقضاء تاما لا يكون مثله لو كان قد انتقل إلى جنس آخر وهذه الحمى سهله العلاج صعبة المعرفة وكذلك ابتداء الدق وأسرع الناس وقوعا في حميات اليوم وأشدهم تضررا بها ان غلظ عليه فيها من كان الحار اليابس أغلب عليه فيتأذى بسرعة إلى الدق والغب ثم الحار الذي الرطب أغلب عليه فيتأدى بسرعة إلى حمى العفونة ثم الذي الحار فيه أكثر ثم الذي اليابس فيه أكثر ومن كان حار المزاج يابسه فإنه إذا عرض له جوع وقارنه سهر أو تعب نفساني أو تعب بدني أسرع إليه حمى يوم مع قشعريرة ما فان لم يتدارك ويطعم في الحال أسرع إليه حمى العفونة * (العلامات) * أما العلامات الخاصية بحميات اليوم المميزة لها عن الحميات الأخرى فنقول من خواصها انها لا تكون من الأسباب المتقادمة ولا تبتدئ بتضاغط وهو أنها لا تبتدئ في أكثر الامر بنافض وبرد أطراف وغؤر حرارة وميل إلى الكسل والنوم وغؤر نبض واختلافه وصغره بل ربما عرض في ابتدائها شبيه بالبرد أو قشعريرة ونخس بسبب بخار كيموس ردئ وتزول بسرعة وقد يعرض في الندرة نافض لكثرة الأبخرة المؤذية للعضل بنخسها كثرة مفرطة ويكون اشتعاله غير لاذع قشف بل طيبا كحرارة بدن المتعب والسكران وإذا كان البول في اليوم الأول نضيجا والنبض حسنا فاحكم انه حمى يوم وذلك لان البول لا يتغير فيه من حيث هي حمى يوم ويكون فعله نضيجا غير مائل إلى لون خلط وربما كانت غمامة متعلقة وربما كانت طافية حسنة اللون فإذا اتفق أن لا يعتدل لونه فان قوامه يكون معتدلا وانما يتغير لونه لما يقارنه من سبب تغير البول وان لم يكن هناك حمى مما سنذكره في التعبية ونحوها والنبض يكون إلى توتر وقوة وعظم الا فيما يكون عن الانفعالات المضعفة والا ان يكون في فم المعدة خلط يلذع أو برد أو سبب آخر مما يصغر النبض عن الحمى وقلما يختلف فان اختلف كان له نظام فان خالف في ذلك فلسبب آخر تقدم الحمى أو قارنها مثل التعب الشديد أو اللذع الشديد في الأحشاء ونحو ذلك وقد يعرض ان يصلب لبرد شديد مكثف مبرد أو حرارة شمس شديدة مجففة أو لتعب شديد مجفف أو جوع أو سهر أو غم أو استفراغ وقد يسرع فيه الانبساط ويبطؤ الانقباض ولا يسرع أكثر من الطبيعي الا في الندرة وسرعة قليله لان الحاجة إلى الترويح فيه أشد من الحاجة إلى اخراج البخار الفاسد فان البخار فيها ليس فاسدا بقياسه إلى المعتدل بل سخيفا بقياسه إليه وإذا أشكل عليك النبض وانقباضه فتعرف من التنفس والنبض يعود بعد اقلاعها إلى العادة الطبيعية له في ذلك البدن وهذه علامة جيدة واعلم بالجملة انه كلما كان البول والنبض جيدا دل على أن الحمى يومية وإذا لم يكن لم يجب أن لا تكون يومية فإنه كثيرا ما يكون فيها البول منصبغا والنبض مختلفا وضعيفا وصغيرا ومما يدل على انها حمى يوم ان يكون ابتداؤها هينا لينا ويكون تزيدها لا يزيد على ساعتين ولا يصحب منتهاها اعراض
(٦)