فان خف استحم وكمد ولصف الغذاء فان لم يستمر مع هذا كله وأثقل ومدد وأكسل فاعلم أنه قد امتلأت العروق من فضوله فان الغذاء الكثير المفرط وان عرض له ان ينهضم في المعدة فإنه قلما ينهضم في العروق بل يبقى فيها نيأ يمددها وربما صدعها ويورث كسلا وتمطيا وتثاؤبا فليعالج بما يسهل من العروق فان لم يحدث ذلك بل أحدث اعياء فقط فليسكن مدة ثم ليعالج النوع العارض من الاعياء بما سنذكره ومن أوغل في السن فلا يقبل بدنه من الغذاء ما كان يقبله وهو شاب فيصير غذاؤه فضولا فلا يأكلن قدر العادة بل دونه ومعتاد تغليظ التدبير إذا لطف التدبير دخل من الهواء في المنافذ ما كان يشغله غلظ التدبير وليس يشغله الآن لطف التدبير فكما يعود إلى التغليظ يحدث فيه السدد والأغذية الحارة تتدارك مضريها بالسكنجبين لا سيما البزوري فإنه أنفع أنواع السكنجبين ان كان سكريا وان كان عسليا فالساذج منه كاف والباردة يتبعها ماء العسل وشرابه والكموني والغليظ يتبعه حار المزاج سكنجبينا قوى البزور ويتبعه بارد المزاج شيئا من الفلافلي والفوذنجي والأغذية اللطيفة احفظ للصحة وأقل معونة للقوة والجلد والغليظة بالضد فمن احتاج إلى جلد واحتاج بسببه إلى أغذية قوية الكيموس رصد الجزع الشديد ويتناول منها غير الكثيرة لينهضم وأصحاب الرياضات والتعب الكثير احمل للأغذية الغليظة ومما يعينهم على هضمها قوة نومهم واستغراقهم فيه لكنه يعرض لهم لكثرة ما يعرفون ويتحلل من أبدانهم أن تسلب أكبادهم من الغذاء ما لم ينهضم بعد فيهيؤهم لأمراض قتالة في آخر العمر أو في أوله وخصوصا وهم يعترفون بهضمهم الذي لهم من نومهم الذي يبطل إذا عرض لهم سهر متواتر خصوصا إذا استحموا والفواكه الرطبة انما توافق الغير المرتاضين الممرورين في الصيف وان تؤكل قبل الطعام وهي مثل المشمس والتوت والبطيخ وكذلك الخوخ والإجاص وان يدبروا بغيرها فهو أحب فان كل ما يملا لدم مائية يغلى في البدن غليان عصارات الفواكه في خارج وان كان ربما نفع في الوقت فإنه يهيئه مسألة للعفونة وكذلك كل ما ملأ الدم خلطانيا وان كان ربما نفع كالقثاء والقثد ولذلك كان المستكثرون من هذه الأغذية معرضين للحميات وان بردت في أول الامر واعلم أن الخلط المائي ربما عرض له ان يصير صديدا وذلك إذا لم يتحلل وبقى في العروق وهؤلاء إذا استعملوا الرياضات قبل ان تجتمع هذه المائيات بل كما كانوا يتناولون من الفواكه يرتاضون لتحلل تلك المائيات وقل تضررهم بها واعلم أيضا انه إذا كان في الدم خام أو مائي منع من أن يلتصق بالبدن فيقل وخليق بمن يأكل الفاكهة أن يمشى بعدها ثم ليأكل عليها ليزلق والأغذية التي تولد المائية والخلط الغليظ اللزج والمراري فإنها تجلب الحميات لتعفين المائي منها للدم وتسديد اللزج والغليظ منها للمجاري والمرارية وتسخين المراري منها للبدن وحدة الدم المتولد عنها والبقول المرارية ربما كثر نفعها في الشتاء كما أن التفهة ربما كثر نفعها في الصيف ومن صار إلى أن ينال من الأغذية الرديئة فليقلل من المرات ولا يتواتر وليخلط بها ما يضادها فان تأذى بالحلو شرب عليه الحامض من الخل والرمان وسكنجبين الخل والسفرجل ونحوه وتمهد الاستفراغ ومن تأذى بالحامض تناول عليه العسل والشراب العتيق وذلك قبل النضج والانهضام وكذلك فليتدارك اذى الدسم بالعفص مثل الشاهبلوط وحب الآس والخرنوب
(١٦٧)