النفس وبجملة الأحشاء ولا يحتمله الا الدموي جدا وان لم يضره في الحال ضره على طول الأيام والامعان في السن وقال أصحاب التجربة لا يجمع بين ماءي البئر والنهر ما لم ينحدر أحدهما وأما اختيار الماء فقد دللنا عليه وكذلك اصلاح الردئ منه والمزج بالخلل يصلحه واعلم أن الشرب على الريق وعلى الرياضة والاستحمام خصوصا مع خلاء البطن وكذلك طاعة العطش الكاذب في الليل كما يعرض للسكارى والمخمورين وعند انشغال الطبيعة بهضم الغذاء ضار وقد سبق ان الري الكافي ضار جدا بل يجب ان كان ولا بد أن يجتزى بالهواء البارد والمضمضة بالماء البارد ثم إن لم يقنع بذلك فمن كوز ضيق الرأس على أن المخمور بما انتفع بذلك وربما لم يضره ان شرب على الريق ومن لم يصبر على الشرب على الريق وخصوصا بعد رياضة فليشرب قبله شرابا ممزوجا بماء حار وليعلم المبتلى بالعطش الكاذب ان النوم ومصابرته للعطش يسكنه لان الطبيعة حينئذ تحلل المادة المعطشة وخصوصا إذا جمع بين الصبر والنوم وإذا أطفئت الطبيعة المنضجة بالشرب طاعة لها عاود العطش لإقامة الخلط المعطش ويجب خصوصا على صاحب العطش الكاذب أن لا يعب الماء عبا بل يمص منه مصا وشرب البارد جدا ردئ وان كان لابد منه فبعد طعام كاف والماء الفاتر يغثي والمسخن فوق ذلك إذا استكثر منه أوهن المعدة وإذا شرب في الأحيان غسل المعدة وأطلق الطبيعة وأما الشراب فالأبيض الرقيق أوفق للمحرورين ولا يصدع بل ربما رطب فيخفف الصداع الكائن من التهاب المعدة ويقوم المروق بالعسل والخبر مقامه خصوصا إذا مزج قبل الشرب بساعتين وأما الشراب الغليظ الحلو فهو أوفق لمن يريد السمن والقوة وليكن من تسديده على حذر والعتيق الأحمر أوفق لصاحب المزاج البارد البلغمي وتناول الشراب على كل طعام من الأطعمة ردئ على ما فرعنا من اعطاء على ذلك فلا بشر بن الا بعد انهضامه وانحداره وأما الطعام الردئ الكيموس فشرب الشراب عليه وقت تناوله بعد انهضامه ردئ لأنه ينفذ الكيموس الردئ إلى أقاصي البدن وكذلك على الفواكه وخصوصا البطيخ والابتداء بالصغار من الاقداح أولى من الكبار ولكن ان شرب على الطعام قد حين أو ثلاثة كان غير ضار للمعتاد وكذلك عقيب القصد للصحيح والشراب ينفع المرورين بادرار المرة والمرطوبين بانضاج الرطوبة وكلما زادت عطريته وزاد طيبه وطاب طعمه فهو أوفق والشراب نعم المنفذ للغذاء في جميع البدن وهو يقطع البلغم ويحلله ويخرج الصفراء في البول وغيره ويزلق السوداء فيخرج بسهولة ويقمع عاديتها بالمضادة ويحل كل منعقد من غير تسخين كثير غريب وسنذكر أصنافه في موضعه ومن كان قوى الدماغ لم يسكر بسرعة ولم يقبل دماغه الأبخرة المتراقية الرديئة ولم يصل إليه من الشراب إلا حرارته الملائمة فيصفو ذهنه مالا يصفو بمثله أذهان أخرى ومن كان بالخلاف كان بالخلاف ومن كان في صدره وهن يضيق في الشتاء نفسه فلا يقدران يستكثر من الشراب شيئا ومن أراد ان يستكثر من الشراب فلا يمتلئن من الطعام وليجعل في طعامه ما يدر فان عرض امتلاء من طعام وشراب فليقذف وليشرب ماء العسل ثم يقذف أيضا ثم يغسل فمه بخل وعسل ووجهه بماء بارد ومن تأذى من الشراب بسخونة البدن وحمى الكبد فليجعل غذاء مثل الحصرمية ونحوها ونقله ماء الرمان وحماض الأترج ومن تأذى منه في ناحية رأسه قلل وشرب الممزوج المروق وينقل عليه بمثل السفرجل
(١٦٩)