رياضة متعبة فيفسد ويفسد الأخلاط ومن الناس من يجوز له تناول ما فيه قوة قابضة قبل تناول الطعام وهو صاحب رخاوة المعدة الذي يستعجل نزول طعامه فلا يريث ريث الانهضام ويجب ان يتأمل دائما حال المعدة ومزاجها فمن الناس من يفسد في معدته الغذاء اللطيف السريع الهضم وينهضم فيها القوى البطئ الهضم وهذا هو الانسان الناري المعدة ومنهم من هو بالضد وكل يدبر على مقتضى عادته وللبلدان خواص من الطبائع والأمزجة أمور خارجة من القياس فليحفظ ذلك وليغلب التجربة فيه على القياس فرب غذاء مألوف فيه مضرة ما هو أوفق من الفاضل الغير المألوف ولكل سحنة ومزاج غذاء موافق مشاكل فان أريد تغيرها فإنما يتأتى بالضد ومن الناس من يضره بعض الأطعمة الجيدة المحمودة فليهجره ومن استمرا الأغذية الرديئة فلا يغترر بذلك فإنه سيتولد منه على الأيام أخلاط رديئة ممرضة قتالة وكثيرا ما يرخص لمن في بدنه أخلاط رديئة أن يتوسع في الاكل المحمود وخصوصا إذا لم يحتمل الاسهال لضعفه ومن كان متخلخل البدن سهل التحلل وجب أن يغتذي بالرطب السريع الانهضام على أن الأبدان المتخلخلة أشد احتمالا للأطعمة الغليظة والمختلفة وأبعد من أن يضرها الأسباب الداخلة وأقبل للضرر من الأسباب الخارجة ومن كان متكثرا من اللحوم مترفها فليتعهد القصد فان كان يميل إلى برد من المزاج فعليه بالجوار شنات والاطريفلات وما من شأنه أن ينقى المعدة والأمعاء والجداول القريبة منها وشر الأشياء جمع أغذية مختلفة معا وبعد تطويل الاكل مدة الاكل فيلحق الغذاء الآخر وقد أخذ الأول في الانهضام فلا تتشابه أجزاء الغذاء في الانهضام ويجب أن تعلم أن أوفق الغذاء ألذه لشدة اشتمال المعدة والقوة القابضة عليه إذا كان صالح الجوهر وكانت الأعضاء الرئيسية كلها متصادقة سالمة فهذا هو الشرط فان لم تصح الأمزجة أو تخالفت الأعضاء في أمزجتها وكانت الكبد مخالفة للمعدة مخالفة فوق الطبيعي لم يلتفت إلى ذلك ومن مضار الطعام اللذيذ جدا انه يمكن الاستكثار منه وان أوفق المرات للاكل المشبع أن يأكل يوما وجبة ويوما مرتين بكرة وعشية ويجب أن تراعى العادة في ذلك مراعاة شديدة فان من اعتاد مرتين وجب ضعف ووهنت قوته بل يجب ان كان به ضعف هضم ان يتناول مرتين ويقلل الاكل كل مرة ومن اعتاد الوجبة فثنى عرض له ضعف وكسل واسترخاء فان وقف الغذاء عليه ضعف في مبيته وان تعشى لم يستمر وعرض جشاء حامض وخبث نفس وغثيان ومرارة فم ولين بطن لايراده على المعدة ما لم تألفه وعرض ما يعرض لمن لم يجد هضم غذائه مما ستعرفه من العوارض ومما يعرض له جبن وجزع ووجع في فم المعدة ولذع وبظن ان أمعاءه وأحشاءه معلقة لخلو المعدة وانقباضها إلى نفسها وتقلصها ويبول بولا محرفا ويبرز ابرازا محترقا وربما عرض له برد الأطراف بانصباب المرار إلى المعدة وهذا في مراري الأمزجة أكثر وكذلك في مراري المعدة دون البدن ويفسد نومه ويكون متململا والأبدان التي تجتمع في معدها مرار كثيرة تحتاج إلى تناول مفرق وإلى سرعة تغذو إلى تقديمه قبل الاستحمام وأما غيرهم فيجب أن يرتاضوا ويستحموا ثم يأكلوا أو لا يقدموا الاكل على الاستحمام ومن احتاج إلى أكل مقدم على الرياضة فليأكل من الخبز وحده قدرا يأخذ منه الهضم قبل شروعه في حركته وكما أن الحركة قبل الطعام يجب ان لا تكون ضعيفة كذلك الحركة بعده يجب
(١٦٥)