غلطه صاد، ولا أقل مما عربه من كلام سايل حيث قال في شأن القرآن العظيم (ق ص 119 س 4) ومما لا خلاف فيه أيضا أنه (أي القرآن) الحجة التي يرجع إليها في العربية.
وقد توغل المتعرب في شطط التعصب فصار يدعي أن القرآن الكريم يستعمل الألفاظ العربية في غير ما وضعت له (أي خطأ واشتباها) وعد من ذلك (ذ ص 81) قول القرآن عن دين إبراهيم إنه حنيف، وزعم أن العرب تسمى عابد الوثن حنيفا، وأن الحنيف عندهم الملتوي الضال والخب الخداع.
والذي ورط المتعرب هاهنا بهذا الافتراء هو ما ذكر في أوائل الرسالة المنسوبة لعبد المسيح فنسي ما نص عليه قبل (ذ ص 25) من أن العرب سئمت الوثنية، وقد أدرك منها محمدا (ص) رجال كثيرون يدعون بالحنفاء، وإنما دعوا بذلك لحنفهم أي ميلهم عن الوثنية، فكانوا يحرضون قومهم على اطراح عبادة الأصنام ويدعونهم إلى التدين بدين لا شرك فيه.
فاسأل المتعرب لماذا تناقض كلامه؟ فهل هو على المثل الفارسي (دروغ گو حافظه ندارد) أي الكذاب لا حافظة له.
أم يقول: دع هذا فإن لكل مقام مقال؟ أو لم يتعظ بما فضح الله به صاحب الرسالة المذكورة في هذا الافتراء حيث أظهر عليه كذبه ومخالفته لصراحة العهدين مع أنه نصراني يزعم أنهما كتب إلهية.
أو لم يعتبر به إذ قال في أول رسالته: فقد علمنا الآن أن إبراهيم كان منذ ولد إلى أن أتت عليه تسعون سنة حنيفا عابد صنم - يعبد الصنم المعروف بالعزى مع آبائه وأهل بيته وهو بحران.
مع أن التوراة لم تذكر أن إبراهيم عبد صنما لا يوما ولا تسعين سنة بل تذكر أنه حينما خرج من (حاران) عن أمر الله وبركته له في خطابه كان ابن خمس وسبعين سنة (تك 12، 1 - 4).
ويقول العهد الجديد: إن الله ظهر لإبراهيم وهو في ما بين النهرين قبل ما سكن (حاران) وأمره بالخروج فخرج حينئذ بأمر الله ووحيه من أرض