أحدها: إغراء الناس بالضلال، فإن الركون في التصديق إلى ظهور الآيات والقوات والعجائب العظيمة إنما هو من مرتكزات الفطرة وأوليات البديهة بحيث لا يتطرقه الشك كما يتطرق سائر البديهيات من المعارف، ولذا ترى كثيرا من الناس قد كابروا البداهة وجانبوا عقولهم في المعارف لشبهة المعجزة ومنقولها الموهون.
وقل من يكون له العقل ونور الحقيقة هما الهاديان إليها والشاهدان عليها كما هو روح العرفان وثابت الإيمان وقليل ما هم.
وثانيهما: سد باب الحجة على النبوة الصادقة وتضييع فائدتها لأجل التباس الأمر على غالب الناس فإنه إذ جاز ظهور الآيات والقوات والعجائب العظيمة من الكاذب والداعي إلى الشرك كما تزعمه الكتب التي تغر بصورة نسبتها إلى الوحي فحينئذ لا حجة عند عامة الناس بظهور هذه الأمور من النبي الصادق حيث يكون أمرها مشترك بين الصادق والكاذب.
وثالثها: لزوم العبث بإظهارها على يد الصادق سواء كان للحجة على رسالته أو لبيان كرامته حيث إنها لا تفيد شيئا من ذلك مع اشتراكها بين الصادق والكاذب.
ورابعا: إن إظهارها على يد الكاذب نقض للغرض من إظهارها على يد الصادق وهو كونها حجة على صدقه.
وخامسها: إذا كان إظهارها على يد الصادق لأجل الحجة على صدقه مع إظهارها على يد الكاذب لزم من ذلك أمران:
أحدهما: قبح العقاب والملامة والتوبيخ لمن صدق الكاذب وآمن به لأنه قد جاء بما هو حجة على صدق الصادق.
وثانيهما: قبح العقاب والملامة والتوبيخ لمن لم يؤمن بالصادق ولم يصدقه وذلك لأنه لم يجئ إلا بما يجئ به الكاذب.
ولا يخفى أن كل واحد من البشر لا يرضى بأن ينسب إليه واحد من هذه الأمور.
* * *