بلهيب نار من وسط عليقة وناداه الله (اخلع نعليك) وقال له أنا إله أبيك إبراهيم إلى آخر كلام الله معه.
وهذا وإن أمكن حمله على أن الذي ظهر في لهيب النار لموسى هو الملك، والذي كلم موسى هو الله.
ولكن التوراة الرائجة تأبى هذا التأويل حيث تقول: وغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله (خر 3، 6) وهذا يعطي أنها تقول: إن الله هو الملاك الذي ظهر في لهيب النار، ويؤكده قول العهد الجديد إن الذي كلم موسى هو الملاك (ا ع 7، 37).
ثم إن التوراة الرائجة تارة يصرح مضمونها بأن الله جل اسمه وهو يهوه سار أمام بني إسرائيل بعمود سحاب نهارا وعمود نار ليلا، وذلك من سكوت وهو المنزل الثاني لهم من مصر إلى عربات مواب حيث توفي موسى عليه السلام وذلك في مدة أربعين سنة.
كقولها عند ذكر ارتحالهم من سكوت، ويهوه يسير أمامهم نهارا في عمود سحاب ليهديهم الطريق وليلا في عمود نار ليضئ لهم ليمشوا نهارا وليلا (خر 13، 21).
وقولها عن خطاب موسى لله يهوه في برية فاران، وبعمود سحاب أنت سائر أمامهم نهارا، وبعمود نار ليلا، (عد 14، 14)، وقولها عن قول موسى في خطاب بني إسرائيل في عربات مواب، يهوه إلهكم السائر أمامكم في الطريق في نار ليلا وفي سحاب نهارا (تث 1، 32 و 33).
وتارة تنقض ذلك وتذكر أن السائر أمام بني إسرائيل هو ملاك الإله يهوه الذي يرسله يهوه.
فقد قالت في شأنهم في فم الحيروث وهو المنزل الثالث لهم من مصر عندما أدركهم فرعون وجنوده، فانتقل ملاك الله السائر أمام عسكر إسرائيل وسار ورائهم، وانتقل عمود السحاب من أمامهم ووقف وراءهم (خر 14، 19)