أحوالهم ما تجل عنه مرتبة سائر الصالحين فضلا عن الأنبياء، فانظر إلى الجزء الأول (صحيفة 62 - 65)،، وقد أحلناك على متفرقاته استقباحا لجمعه في مقام واحد.
وذكرت التوراة الرائجة في أمر النبوة أشياء لا تناسب الوحي وكتبه بل تناسب خرافات الأهواء (منها) أن الله كلم موسى بأن الكاهن الذي يعمل ذبيحة الخطيئة يأكلها في مكان مقدس (لا 6، 24 - 27)، ثم ذكرت إن موسى طلب تيس الخطيئة فإذا هو قد احترق فسخط على العازرا وايثامار بني هارون وقال: ما لكما لم تأكلا ذبيحة الخطيئة في المكان المقدس فإن الله أعطاكما إياها لتحملا إثم الجماعة تكفيرا عنهم، أكلا تأكلانها كما أمرت فقال هارون إنهما اليوم قد قدما ذبيحة خطيئتهما ومحرقتهما أمام الرب وقد أصابني اليوم مثل هذه - يعني احتراق (ناداب) و (ابيهو) ابنيه -، فلو أكلت ذبيحة الخطيئة اليوم هل كان يحسن في عيني الرب، فلما سمع موسى حسن في عينيه (لا 10، 16 - 20).
فيا عجبا إن الله يأمرهم بأكل ذبيحة الخطيئة وموسى يبلغ ذلك عن الله، وهارون يعترض على هذه الشريعة وشريعة المحرقة ويتشائم بهما ويقول: إن ذلك هل يحسن في عيني الرب؟ فماذا ترى في هذا الكلام؟ أيقال إن هارون كان مكذبا لموسى في تبليغه عن الله؟ أم يرى أن له أن يعارض الوحي بالرأي والأعجب من ذلك قول التوراة إن موسى استحسن رأي هارون مع معارضته لما أوحاه الله من الشريعة المذكورة.
أيقال إن موسى كان شاكا في أمره فيستحسن الرأي المعارض للوحي، حاشا لله، (الله أعلم حيث يجعل رسالته).
(ومنها) إن الإله أتى (بلعام) ليلا وقال له: إن أتى الرجال إليك فانطلق معهم وتعمل الكلام الذي أكلمك به فقط، فقام بلعام صباحا وانطلق معهم فحمى غضب الإله لكونه منطلقا ووقف ملاك الرب في الطريق ليقاومه (عد 22، 20 - 23).
ويا عجبا كيف يأمر الله بلعام بالانطلاق معهم ثم يحمي غضبه عليه لأنه