يؤتى بالمسيح إلى أورشليم لأن هيرودس بسبب أخبار المجوس كان يطلبه ليهلكه، بل هربوا به بمقتضى الوحي من هناك سرا إلى مصر إلى أن مات هيرودس، وعلى ذلك كيف يمكن أن يؤتى به إلى أورشليم، ويتنبأ عنه سمعان وحنه كما ذكره لوقا، ولوقا يذكر انهم جاؤوا بالمسيح من بيت لحم إلى أورشليم لكي يجروا شريعة ولادة البكر ثم رجعوا من أورشليم إلى مدينتهم الناصرة.
الثالث: يذكر متى أن يوسف لما رجع من مصر أراد الرجوع بالمسيح إلى بلاد اليهودية ولكنه خاف من ارخيلاوس أن يذهب إلى هناك فأوحى إليه أن يذهب إلى نواحي الجليل، وأتى وسكن في مدينة يقال لها ناصرة لكي يتم ما قيل بالأنبياء إنه سيدعى ناصريا.
ومقتضاه أن الناصرة لم تكن وطن يوسف ومريم ومسكنا لهما قبل ذلك، بل بعد الرجوع من مصر صارت لهم دار هجرة وفرار بالمسيح لكي يتم ما في الأنبياء.
ولوقا يذكر أن الناصرة كانت قبل ذلك وطن مريم ويوسف وفيها حبلت مريم، ومنها صعدا إلى بيت لحم لأجل الاكتتاب واليها لكونها مدينتهم رجعوا من أورشليم.
ثم نقول للمتكلف: أبمثل هذه الكتب تعترض على القرآن الكريم كلام الله، أفلم يكن عليك في ناموس الأدب والانصاف أن تقول أو تظن أو تحتمل أن مخالفة كتبك للقرآن الكريم كمخالفة بعضها لبعض، وأن غفلتها عما فيه كغفلة بعضها عما في البعض الآخر.
أفتقول إن المسيح افتداك حتى من لعنة هذا الناموس، فبأي نبوة وبأي إلهام تنكر ما يذكره القرآن الكريم.
ثم نقول مجاراة لك في إعجابك بأناجيلك المضطربة المختلفة إن القرآن الكريم قال: (وانتبذت به مكانا قصيا)، وهذا لا يأبى الانطباق على هجرتها إلى بيت لحم كما يذكره لوقا.
ولم يقل القرآن إنها تاهت في البرية، وقال: (فأجاءها المخاض إلى جذع