ويقول كتابهم: إنه لم يزل ينفث تهددا وقتلا على تلاميذ المسيح والمؤمنين به، ويأخذ الرسائل ليسوق الرجال والنساء من المؤمنين من الطريق موثقين (1 ع 9، 1 و 2).
فيكف إذا يتصور المتكلف أن بولس آمن وبعث رسولا وأعطى سلطانا على ملاشاة الشريعة والعيب لها؟.
(وأما قول المتكلف: إن الله لا يقبل هذه التوبة الوقتية الناشئة من الخوف) فهو غفلة فاحشة.
فإن القرآن لم يقل إن الله تاب على فرعون وجعله رسولا وأعطاه سلطانا على عمل الآيات ومحو الشريعة، بل قال الله تقريعا له وتوبيخا وتسفيها لرأيه (الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين).
أفيرى ذو الرشد أن هذا قبول للتوبة، ولعل مفاد الآيات والله أعلم، فإن كنت آمنت طمعا في النجاة فلا نجاة بل (اليوم ننجيك) لا بنفسك، بل (ببدنك) المشوه بالموت المرعب ولا كرامة لك ولكن (لتكون لم خلفك آية) وعبرة وموعظة تقوم بها الحجة.
وأما قول المتكلف لم يرد خبر في التوراة عن غرق فرعون، فهو من الجهل بتوراته فإنها تقول عن قول الله جل اسمه واشدد قلب فرعون حتى يسعى ورائهم فأتمجد بفرعون وبكل جيشه، فشد مركبته - أي فرعون - وأخذ قومه معه، وشدد الله قلب فرعون ملك مصر حتى سعى وراء بني إسرائيل، فلما اقترب فرعون رفع بنو إسرائيل عيونهم وإذا المصريون راحلون ورائهم، وها أنا اشدد قلوب المصريين حتى يدخلوا ورائهم - أي وراء بني إسرائيل في البحر - فأتمجد بفرعون وكل جيشه بمركباته وفرسانه فيعرف المصريون أني أنا الرب حين أتمجد بفرعون ومركباته وفرسانه، انظر (خر 14، 4، 19)، فإذا كانت التوراة تخبر أن فرعون شد مركبته، وأخذ قومه وسعى وراء بني إسرائيل واقترب منهم بعد ثلاث مراحل، وتخبر أن الله أخبر بأن فرعون يسعى ورائهم.
ووعد جل شأنه بالوعد المكرر المؤكد بأنه يتمجد بفرعون، وكل جيشه