الوعد السابق بنجاة أهله فقال: إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق، وعقب سؤاله بالاذعان بالحكمة والرضا والتسليم.
ولو أن المتكلف يشعر بما قرفت به كتبه كبار الأنبياء لما تعرض للافتخار بتسليم (عالي) الذي ليس بنبي، ولكنه كأنه لا يدري لكي يتحذر من أن يقول له نقاد الأدب وزعماء البحث إذن فكيف تقول كتبكم إن موسى كليم الله يقول لله: لماذا أسأت إلى هذا الشعب؟ لماذا أسأت إلى عبدك؟ وأن إيليا يقول أ إلى الأرملة التي أنا عندها أسأت أيضا بإماتتك ابنها، وأن ارميا النبي يقول يا أيها السيد الرب حقا إنك خداع خادعت هذا الشعب وأورشليم قائلا يكون سلام وقد بلغ السيف النفس، وأن المسيح يقول وهو على الصليب إلهي إلهي لماذا شبقتني (أي تركتني)؟ ولماذا شحن كتاب أيوب بنسبته لأيوب كلمات الجزع والاعتراض على قضاء الله إلى حد الكفر.
وقال الله جل اسمه في سورة العنكبوت 13: (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون).
فاعترض المتكلف على ذلك (يه 2 ج ص 102) بأن التوراة تقول إن عمر نوح هو 950 سنة من دون زيادة ما قبل الرسالة وما بعد الطوفان كما يقتضيه القرآن.
قلت: قد ذكرنا لك في تتمة الصدر مبلغ اعتبار التوراة السبعينية في الأمة اليهودية وعلو شأنها في الملة النصرانية، بل كانت هي الشاهد لها في الدعوة وبشارة الرسالة، كما أن النسخة العبرانية عندهم هي الأصل المعتمد والسند والمستند، وبذلك تكون النسختان متكافئتين في الاعتبار متزاملتين عندهم في محمل الصحة على اسم التوراة الواحد ومعناها المتحد، فنقول: إذن إن التوراة بهاتين النسختين وذاتها بهذين الزيين أو الزينتين قد اضطربت وتلونت في مقادير العدد وألفاظه في التاريخ والشريعة أفحش اختلاف، كما ذكرنا لك في أعمار الآباء وعمر اللاوي في خدمة المسكن، وزد على ذلك مخالفة النسخة السامرية التي قال جمع من محققي النصارى ومفسريهم بصحتها واعتبارها، دع عنك هذا كله ولكن النسخة العبرانية قد ذكرنا لك اضطرابها في التاريخ ومقادير السنين