(قلت): إن منازل أولاد إسماعيل الواقعة من حويلة إلى شور لا يمكن أن تكون واقعة في أرض بني إسرائيل لا في شرق الأردن ولا في غربيه، وذلك لوجهين:
أحدهما: أن من منازل أولاد إسماعيل تيما ودومة وهما بعيدتان إلى الشرق عن أراضي إسرائيل بعدا شاسعا.
وثانيهما: أن التوراة تقول: إن الله وعد إبراهيم وهاجر بأن يبارك إسماعيل ويثمره ويكثره كثيرا جدا ويلد اثني عشر رئيسا، ويجعله أمة عظيمة (تك 17، 20، و 21، 18) فلا بد أن يكونوا في زمان موسى أكثر من المديانيين أولاد مديان بن إبراهيم.
ومن الموابيين والعمونيين أولاد لوط، ومن الأدوميين أولاد عيسو فإن هؤلاء لم يسبق لهم الوعد بالبركة والكثرة كأولاد إسماعيل مع أنهم كانوا في زمان موسى ألوفا عديدة، بل لا بد بمقتضى وعد الله في إسماعيل أن يكون أولاده في زمان موسى بقدر بني إسرائيل أو أكثر.
وعلى هذا لو كانت منازلهم في الأرض التي استطرقها أو افتتحها بنو إسرائيل مع موسى أو يوشع لجرى لهم حال وشأن كبير مع بني إسرائيل في حرب أو معارضة أو مصالحة أو مساعدة أو مهادنة أو معاهدة كما جرى لبني إسرائيل مع غيرهم، مع أن التوراة، وسفر يوشع لم يذكرا من ذلك شيئا لا تصريحا ولا تلويحا، وهذا السكوت في مثل تاريخ التوراة، وسفر يشوع يعد من نحو صراحتهما بأن بني إسماعيل لم يكن لهم منزل فيما استطرقه أو تملكه بنو إسرائيل.
وحينئذ لو سلمنا أن حويلة في سفر صموئيل هي في بلاد بني إسرائيل أو ما يتاخمها لقلنا: إنها لا بد أن تكون غير حويلة المذكورة في التوراة، فإن البلدان قد تتشابه في الأسماء نحو قادش (عد 20، 1 و 22 وقادش، يش 20، 7، و 21، 32).
وهذا التطويل كله مماشاة وجدل لمن يتشبث بالتوراة لأوهامه بأن مسكن